Home»Débats»المال و البنون زينة الحياة الدنيا…؟

المال و البنون زينة الحياة الدنيا…؟

0
Shares
PinterestGoogle+

المال و البنون زينة الحياة الدنيا و مفاتيحها،أما الحياة العليا فلها مفاتيح أخرى مثل التقوى.

لو سألت أي شخص هل تحب المال؟

لأجاب: ومن يكره المال.لا يكره المال إلا أحمق أو مجنون…

بل يعتبر أن سؤالا من هذا النوع  ومن يطرحه هو من البلداء الأغبياء.انه تحصيل حاصل، كما تقول مدرسة الوضعية المنطقية و الباحثون في الرياضيات…

مرة، ذهب واحد من أيها الناس، إلى البقال و كان  في جيبه ورقة نقدية من فئة 20 درهما في حالة يرثى لها ،و قد وجد صعوبة  وخجل ، أن يمدها للبقال لتأدية ثمن بعض الحاجيات  التي اشتراها منه ،فسأله :هل تأخذ  مني سيدي،هذه الورقة النقدية و أنت ترى الحالة التي هي عليها؟؟

دهش الزبون لرد البقال: »إذا كان لديك أكياس أو قناطير مقنطرة  من هذا الورق النقدي في هذه الحالة التي يرثى لها، وتعافها نفسك… فلا تتردد يا أخي   في منحها إياي، سأكون شاكرا لك إلى نهاية العالم،  و سأدعو لك ما دمت حيا في الدنيا والدار الأخرى.و سأقول للناس أنت سيدهم و(تاج رأسهم)؟ »…

 كان كلام البقال يوحي أن الأكياس و القناطير المقنطرة من المال إذا قدمت له هدية وبلا مقابل من البضائع ، وكانت أوراقا نقدية متسخة أو رثة،  فهي مقبولة على الرأس و العين و القلب.

قال البقال الحكيم:ماذا يساوي الإنسان بلا مال في مجتمع المال و الأعمال؟انه لا يساوي في قيمته بعوضة أنثى….

كل الناس تحب المال حبا جما و تبذل في سبيل الحصول عليه العزة و الكرامة و الجسد و الأبناء،ذلك هو طبع الإنسان كما أشار إليه القرآن.

مرشحون للبرلمان يستثمرون  جزءا قليلا من أموالهم في شراء  أصوات الفقراء ب 200 درهم ، للحصول على مقعد  في ملعب البرلمان ،وشراهتهم وبصيرتهم متفتحة على  ما يتيحه  المقعد من امتيازات طيلة خمس سنوات…؟

 أليس ما يراهنون للحصول عليه والظفر به، أكثر بكثير مما ينفقونه الآن في شراء الأصوات الفقيرة؟أليس هذا استثمار ربحه مضمون؟

 فما يجنيه من المنصب و المقعد و الكرسي :أسفار داخل الوطن و خارجه،وتنقلات بسيارات كلها أبهة ونخوة،و حصول على هواتف من آخر الصيحات ، ومبيت في فنادق مصنفة، و أكلات  شهية في مطاعم فاخرة ،و قضاء للمصالح الخاصة و العائلية،و قرب من أصحاب القرار و الحل و العقد…. وفي نهاية الخدمة يحصلون على تقاعد مريح ،و يسعون إلى توريثه لأبنائهم بعد الرحيل…

ألا يستحق هذا المنصب بعسله و سمنه،و لحمه و شحمه، بعضا من التضحيات و بعضا من المتاعب، و بعضا من الإنفاق على البطون الجائعة التي تمنح التزكية للمنصب؟ و ليحسبوا ذلك من زكاة الأموال؟؟

 ألا يستحق الفوز بالمنصب التضحية بالكثير من الكذب و النفاق و التمويه وأكل الأمخاخ البشرية،مادام هناك فرص كثيرة لمسح الذنوب في مكة(يرجعون بعد الحج كما ولدتهم أمهاتهم) و بالتوبة النصوح (المشكوك فيها طبعا)؟…

 أليس  بسطاء القوم في الفهم، لهم ثقة عمياء في توبة و حج مبرور و سعي مشكور  و ذنب مغفور،  لهذا الصنف من البشر؟

ألم تر أن عدد الوزراء و كتابهم و مستشاريهم يساوي عددهم عدد تلاميذ مدرسة ابتدائية؟

أليست هذه غنائم  – أي مناصب وزارية- و نعم نزلت على بعضهم و لم يكونوا ينتظرونها و لو في الأحلام؟ .

ألا يجب عليهم الحمد و الشكر لله ،حمدا في الآصال و العشي و الإبكار، وفي آناء الليل و أثناء النهار؟

ألم تر كيف يتسابق أهل الخير و البر و الإحسان  من مستشاري المجالس البلدية و القروية و الجهوية – وهم يا حسرتاه نواب الشعب – إلى  شراء السيارات من المال العام ؟سيارات جديدة  تخلف سيارات  أخرى قيل عنها أنها مهترئة؟

ألم تر أن كبير الوزراء، يقول أن من العار أن يتنقل سعادة الوزراء عبر سيارة عادية (داصيا)؟

أليس من حقهم وهم ممثلون عن الشعب،أعزكم الله،أن يقتني  لسعادتهم  سيارات (مرسيدس) الألمانية الصنع المريحة و الفاخرة، و من آخر صيحة ، ليتنقلوا عليها،وهم المتعبون من كثرة الأعمال و التفكير في هموم الشعب  و مشاكله التي لا تنتهي  ومن المال العمومي السائب في غياب من يحاسب الذي أتلفه؟

ألم تر كيف يتسابقون إلى الغنائم لاقتسامها بينهم؟

ألم تر كيف يوظف بعض الوزراء  أبناءهم كمستشارين في مكاتب سيادتهم؟ وكيف يصحبون عائلاتهم في الزيارات الخارجية؟و كيف تقبل – كرامتهم إن كانت لهم كرامة – أن يحجوا إلى بيت الله من مال الشعب، وهم القادرون على الإنفاق على أنفسهم وعائلاتهم؟؟

ألم تر كيف يحصلون على منح دراسية سمينة لأبنائهم، وهم القادرون ماليا على الإنفاق عليهم؟.بينما أفراد من أبناء عامة الشعب يحرمون منها،لأن آباءهم موظفون متوسطون في دخلهم؟

أليس  هذا سطو و بطريقة مشروعة،على المال العام ،وانه لحلو و لذيذ؟

أليس الراسخون في العلم و الطلاسم، هم من يعرف كيف ينقضون عليه، و للسطو عليه؟

ألم تر كيف يستولي هؤلاء القوم على أراضي الأملاك العمومية من أجل تحويلها إلى ملك خاص لهم ، يحولونها – بعد الاطمئنان أن الأمور بخير و على ما يرام – وإلى تجزئات تباع بالتقسيط، أو يبنون عليها منازل لهم  هي إلى القصور أشبه ؟

ألم تر إلى الذين بهم هوس الاستيلاء على منازل الملك العمومي وعدم الانصياع لقوانين وأوامر الإفراغ الآتية من المحاكم، و يفضلون البقاء فيها و الاستيلاء عليها،و لو بعد انتهاء مهامهم الإدارية؟مع أنها منازل ليست لهم ؟

ألم تر كيف يتغيب النواب في التصويت على قرار  يهم تشغيل القاصرات،فلا يصوت على القرار إلا 49 و يعارضه 7، مع العلم أن أعضاء نواب الأمة يبلغ 339 نائما،فأين الباقي من نوام الأمة(283 بالتمام و الكمال كلهم متغيبون)؟رغم أن الشعب هو من يؤدي لهم أجورهم وتقاعدهم…

ألم تر إلى سعادة وزيرة (2 فرنك) و 22 ساعة عمل في اليوم، كيف تكذب تقارير  مختبرات علمية في كل من سلا و الرباط و الدار البيضاء،و كلها تشهد أن الماء الذي يستهلكه المواطن رائحته كريهة و لونه غريب و ملوث بنسبة كبيرة؟، لكن هي وحدها تشهد  أنه ماء صحي و صالح للشرب؟ فهل شربت منه؟بل هل تستطيع أن تعطيه للقطط و الكلاب التي تعيش معها بدون خوف من مضاعفاته ؟

ألم تر أن حب الإنسان للمال فاق العشق الذي تغنى به الشعراء بالنساء(قيس وليلى، أو جميل و بثينة، أو كثير وعزة،أو ابن زيدون و ولادة بنت المستكفي، أو روميو و جولييت في العشق الرومي…و كل مرضى و صرعى الحب و العشق في الماضي و الحاضر و المستقبل؟…فمن العشق ما قتل).

ألم تر أن حب المال هو الذي أدى بالبرلمانيين إلى المطالبة بتحويل معاشاتهم إلى أبنائهم رغم أن هذا غير قانوني؟

ألم تر أن المال و الأبناء و المال و السلطة هي مفاتيح الدار الدنيا…أما الآخرة فهي من الانشغالات اليومية للفقراء و المساكين و ابن السبيل و اليتامى و الأرامل و المطلقات المتخلى عنهن، و اللواتي لا يجدن معيلا و لا معينا …و كذلك البؤساء…؟

ألم تر أن بين التفكير في  الدنيا و ملذاتها، و جاذبيتها وبين التفكير في الآخرة  و مسالكها و أهوالها و جوائزها، كالمسافة بين الأرض و سدرة المنتهى؟.

ألم تر أن حب المال و الدنيا ، وحب الزهد و التقشف و الآخرة، يحيلنا إلى نموذجين تاريخيين :عمرو بن العاص من جهة و أبو ذر الغفاري من جهة أخرى.

النموذج الأول: عانق الدنيا و ما فيها من حلاوة  المال ومكاسب  الأعمال، بالاصطفاف إلى جانب معاوية بن أبي سفيان مفتاح الرفاهية و الثراء.  فحارب معه،  و دعا إلى الخروج عن علي بن أبي طالب، و شارك في الفتنة الكبرى وخدع أبا موسى الأشعري في مسألة التحكيم.انه عمرو بن العاص المعروف بخداعه ودهائه و لعبه السياسية.

  ألم تر أن عليا بن أبي طالب كان رجل دين و فقه و فروسية و شجاعة و أدب و زهد….ولهذا زهد فيه وذهب عنه كل الصحابة الذين كانوا يريدون الدنيا و المال و السلطان. و اصطفوا إلى جانب معاوية و ناصروه و انتصروا له،لأنه كان رجل المال و الأعمال والعطاء و السخاء، و رجل الدنيا و السياسة لا الدين؟؟؟ .

ألم تر أن  تصرف  ابن عمرو بن العاص غير المتخلق مع الغلام القبطي في سباق الخيل، كانت  سببا في قولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه المشهورة « متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ». و لعل هذه العبارة هي التي نجدها في أول ديباجة لميثاق و بنود حقوق الإنسان كما نصت عليها بنود  الأمم المتحدة: »يولد جميع الناس أحرارا. »

عمرو بن العاص  مات و ترك ثروة هائلة من المال و الأراضي و الغلات.يروي بعض المؤلفين القدامى  أن ورثته رفضوا تلك الثروة حتى يتم إعطاء الحقوق لأصحابها(للشك في أن تلك الثروة ربما كانت مغتصبة أو منهوبة من أناس، وهو الوالي  القوي على بلاد مصر….)

النموذج الثاني: هو أبو ذر الغفاري وهو النوع  الذي صنفه البعض كأول قائد لمعارضة فاعلة وحقيقية سلمية عرفها التاريخ الإسلامي.كان معارضا جريئا، حيث كان يدعو الأغنياء و الحكام أيضا إلى الزكاة  و الإنفاق  لفائدة الفقراء و التذكير أن المال لله.حتى أن بعض الدارسين للتاريخ الإسلامي يصنفون انه أول من دعا إلى اشتراكية أسلامية أي إلى اقتسام للثروة،وتوزيع  عادل لها ومحو الطبقية، وردم  الهوة بين الفقراء و الأغنياء.

 كان أبو ذر الغفاري ،يجاهر برأيه أمام الحكام  ولا يخاف منهم أحدا ، و لو أدى الأمر إلى نفيه أو ضربه و معاقبته، وهو ما  حدث له مع عثمان بن عفان… أليس هو القائل: » أوصاني خليلي(إشارة إلى النبي عليه السلام) بسبع:أمرني بحب المساكين و الدنو منهم، و أمرني أن لا انظر إلى من هو دوني و لا انظر إلى من هو فوقي،وأمرني أن لا اسأل أحدا شيئا،  و أمرني أن أصل الرحم و أن أدبرت، و أمرني أن أقول الحق و لو كان مرا، و أمرني أن  لا أخاف في الله لومة لائم،وأمرني أن أكثر من لا حول و لا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش ».

حكاية علاقة الإنسان و البشر بالمال و السلطة حديث لا ينتهي.ألم يشر القرآن وهو كلام الخالق عز وجل إلى  فضائح وطبائع مخلوقاته البشرية و سرائرها، أمام المال. فنراه يفصل فيها تفصيلا علميا، يشرح الطبيعة البشرية تشريحا و يفضحها للناس لعلها ترجع عن طغيانها وجشعها :  فجاء في الكتاب:(وتحبون المال حبا جما)،(أن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)،(وأما من طغى و آثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى)،(الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده)…الخ من الآيات التي تبين أن الطبيعة البشرية ليست زاهدة في الدنيا إلا ما ندر،بل إنها مقبلة على الدنيا و بجشع لا حدود له…

 ودعوانا إلى إلهنا و ربنا: إننا نعوذ بك من شر البؤس الأسود وشر الفقر المدقع الذي كاد أن يكون كفرا. ونعوذ بك من شر الثراء الفاحش الذي يؤدي إلى الطغيان و الظلم، و الذي نحن متأكدون أننا  لن نصل إليه و لو في الأحلام الهادئة أو في الكوابيس المزعجة…الله  ربنا لا نسألك إلا القناعة في العقل و القلب و اليد لا أقل و لا أكثر…  و رحم الله عبدا قال :آمين ….

انتاج :صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *