Home»Correspondants»الصديقي: الرفيق الذي ضل الطريق !

الصديقي: الرفيق الذي ضل الطريق !

0
Shares
PinterestGoogle+

     كغيره من « المناضلين » الكثر، لم يكن أبدا يحلم بأكثر من عضوية المكتب السياسي للحزب، إلا أن الظروف شاءت دون سابق ترتيب أن يستفيق يوما على هدية من السماء، ويحصل على حقيبة وزارية في النسخة الثانية من حكومة ابن كيران الخائبة. إنه عبد السلام الصديقي، الذي عينه الملك يوم 10 أكتوبر 2013، وزيرا للتشغيل والشؤون الاجتماعية خلفا للوزير السابق ورفيقه في الديوان السياسي لحزب « التقدم والاشتراكية »، عبد الواحد سهيل، الذي تعددت الروايات حول إقالته المباغتة، في ظل شح المعلومات وغياب الشفافية.
فلا أحد يشك في كفاءة الصديقي العلمية، باعتباره أستاذا للاقتصاد بالتعليم العالي منذ عام 1980، أشرف على عدة أطروحات وبحوث الماستر والإجازة، وله إصدارات علمية وفكرية في مجلات متخصصة. إضافة إلى مساره السياسي الحافل بالمهام والأنشطة المتنوعة، وتحمله مسؤولية إدارة جمعيات ذات اهتمامات علمية وإنسانية وحقوقية. لكن، هل وحدها مؤهلاته العلمية كافية لتدبير شؤون وزارة من حجم وزارة التشغيل، والحيلولة دون استمرار معدل البطالة في التصاعد؟ صحيح أن للوزارة دورا حاسما في تشجيع الشغل وتعزيز تنافسية المقاولة، والحد من البطالة ومحاربة الهشاشة في سوق العمل، عبر إعداد استراتيجية وطنية ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بميادين التشغيل والشغل والحماية الاجتماعية، وإنجاز الدراسات والبحوث الكفيلة بتطوير القطاع وإمكانيات الشغل، غير أنه يصعب تحقيق آمال العاطلين، ما لم تتوفر الحكومة على إرادة سياسية قوية.
والأصعب من ذلك، أن يكون المسؤول الأول على قطاع ما بدون خبرة عميقة وشخصية متماسكة، وهذا ما ينطبق للأسف الشديد على « بطلنا »، الذي رغم مرور ثلاث سنوات على استوزاره، لم يحرز أي تقدم ولا تأقلم مع منصبه، والتخلص من الارتباك والتلعثم اللذين يلازمانه كظله في حله وترحاله، بالبرلمان وأثناء خرجاته الإعلامية. وقد بدا الأمر واضحا من خلال تيهانه وتعويمه لأجوبته، إبان استضافته من طرف المنشط الإعلامي يسري مراكشي، يوم الجمعة 20 ماي 2016 في برنامجه الأسبوعي « كواليس » بالقناة التلفزيونية « ميدي 1 تيفي »، خاصة لما حاول يائسا تلميع صورة الحكومة والتباهي بحصيلتها ال »مشرفة جدا ».
فحول مشروع القانون المشؤوم 12-19 المتعلق بتحديد شروط الشغل وتشغيل العمال المنزليين، الذي يسمح بتشغيل أطفال قاصرين دون سن 18 عاما، قال الوزير « التقدمي »: « حزبنا دافع على 18 سنة كحد أدنى لتشغيل خادمات البيوت، لكن الحكومة صادقت على 16 سنة » وأضاف: « أقسم بالله أنه لو كان هناك خلافا عميقا لقدمت استقالتي ». في حين أنه كان من المفروض التصدي للمشروع بقوة، انسجاما مع المبادئ والقيم في الدفاع عن الكرامة واحترام المواثيق والاتفاقيات الدولية، بدل التمسك به إلى جانب نواب الأغلبية، ورفض تعديلات فرق المعارضة المطالبة بالتشغيل ابتداء من 18 سنة عوض 16 سنة، واعتبار انتقادات المنظمات الحقوقية المناهضة له مجرد « ضجة مفتعلة ». ومما زاد المشهد سريالية، أنه بمجرد سماع مقطع من أغنية عن الأم، حتى فاضت عيناه تحت أنوار الكاميرات « الشاعلة ».
وبعيدا عن هلوسته، تجدر الإشارة إلى أنه خلافا لما ظل يدعيه من « معقول »، وينادي به من مساواة واحترام الحقوق والضوابط القانونية، سبق له التدخل في توظيف عدد من أبناء مدينته ب »إقطاعيته »، من بينهم رؤساء أقسام ومديرة مفتقدة لشروط التباري، وسكوته عما وجدها (الإقطاعية) عليه من « وسخ »، دون تحديد طبيعته إن كان تبديدا أو اختلاسا للمال العام أو تزويرا لوثائق… ولا من يكون وراء حدوثه، علما أن سلفه ليس سوى رفيقه في الحزب « الشيوعي المتأسلم ». فلماذا لم يلجأ للقضاء، والحكومة جعلت من محاربة الفساد، بندا أساسيا في برنامجها السياسي، الذي ساهم في صياغته؟
مشكلتنا الكبرى في هذا البلد « السعيد »، أن بعض الوزراء يطلقون الكلام على عواهنه، ويصدق عليهم قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: « من كثر كلامه كثر خطؤه، ومن كثر خطؤه قل حياؤه »، وإلا ما كان الصديقي ليقول يوما: « كنت سراح ومازال تنسرح المغاربة ». وطالما ردد في مناسبات عدة، بأنه بفضل انخفاض سعر البترول في الأسواق العالمية، وإلغاء صندوق المقاصة وتحسن مناخ الاستثمار، فإن الحكومة عازمة على تحقيق تراجع نسبة البطالة إلى 8 % مع إنهاء ولايتها التشريعية، وأنها ستتمكن من تحسين نسبة النمو إلى 5 % وخفض العجز التجاري، مما سيساهم تلقائيا في التشغيل بالقطاعين العام والخاص. وأن القطاع الصناعي وحده، سيعمل على إحداث نحو 500 ألف فرصة عمل إلى غاية 2020…
فأين نحن من هذا الهراء أمام انخفاض معدل النمو إلى أقل من 2 %، ترخيص الحكومة لشركات عملاقة باستيراد اليد العاملة من الخارج، وما ترسمه التقارير الوطنية والدولية من صورة قاتمة عن الوضع الاقتصادي، الذي ستكون له تداعيات خطيرة على مناخ الأعمال والتشغيل والاستثمار وتهديد الاستقرار، ما لم يوضع برنامج استعجالي لمواجهة الاختلالات القائمة وآثار الموسم الفلاحي الجاف؟
ليكف الوزير « اليساري » عن نشر المغالطات، فالتقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط حول التشغيل جد كارثي، ويشير بوضوح إلى انتقال معدل البطالة من 9,6 % إلى 10,10 %، وبلوغ عدد العاطلين بالمغرب 1,2 مليون شخص عام 2015، 26,30 % من ذوي الشهادات العليا، و 22,5 % حاملين لشهادات التخصص المهني. ألم يعتبر « سيادته » من سقطته المدوية في الانتخابات الجماعية بمسقط رأسه؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *