Home»Correspondants» » إسراء عرباوي  » الطفلة التي لم تتألم الدولة لموتها !!!

 » إسراء عرباوي  » الطفلة التي لم تتألم الدولة لموتها !!!

1
Shares
PinterestGoogle+

لم يعد الموت يداهم فقط  كبار السن ، فقد انتقل يختطف ارواح اطفال ابرياء . اسراء عرباوي الفتاة ذات 8 سنوات والتي كانت تبحث عن فسحة لتلبي غريزة اللعب ، كان قدرها ان تسقط في بئر من آبار الموت القاتلة .
هكذا اصبح الموت يترصد ساكنة جرادة من كل جانب ، موت يسكن باطنها ويباغث شيوخها واطفالها وشبابها الذي ينتزع لقمة العيش من تلك الحجارة السوداء، حيث تتهاوى ابدان شبابها بعنف العمل تحت الارض بوسائل بدائية ، وسيليكوز لن يرحم اجسامهم النحيفة وحتما سيلقون نفس مصير الآباء ، حيث تدور نفس المسلسل التراجيدي المتوارث …
الغريب ان الموت الذي كنا نراه في الاباء وبعدهم الشباب ها هم الاطفال ينالونمنه هم ايضا  حظهم ، حيث من الحين والحين يأبى الموت الا ان يجرح قلوبنا في اطفال ابرياء ، لم توفر لهم مساحات للهو ، وفي غمرة لعب عفوي ينتهي بهم الأمر في اعماق الآبار حيث يغتصب الموت والاهمال طفولتهم البريئة …
مدينة جرادة التي يسكنها البؤس والفقر والتهميش والاهمال و الموت ، ففي ظرف اسبوع تساقط اكثر من 7 اشخاص من مرضى السيليكوز ، بعدما توقفت الرئات عن اداء وظيفتها ولم تنفع جرعات الأكسجين التي تقدم للمرضى بالمستشفى الاقليمي ، والتي ماهي الا مسكن في انتظار موت لن يتأخر كثيرا ، هذا المستشفى  الذي اريد له ان يكون خارج المدار الحضري لجرادة يصعب الوصول له بشق الانفس ، وبالتالي كل من وجد نفسه في حالة صعبة وفي وقت متأخر من الليل في غياب وسائل النقل ما عليه الا ان ينتظر قدره … سواء تعلق الامر بالمرضى او بالحوامل او بالأطفال …

رغم كل هؤلاء الاطفال الضحايا الذين يتساقطون ، لا نعتقد ان هناك في من دولتنا ومن حكومتنا الموقرة  من انتبه الى هذه المأساة ، وهل هناك من انتبه الى موت الطفلة  » اسراء عرباوي  » والتي موتها ترك جرحا غائرا في ساكنة جرادة ، الا يعتبر موتها جريمة في حق الطفولة الجرادية المغتصبة ؟ الا يعتبر موتها عنوانا كبيرا للإهمال والنسيان ؟ الا يعتبر موتها وصمة عار في جبين المسؤولين الذين اغمضوا عيونهم عن المدينة وتركوها تعيش داخل الفوضى وفريسة للنهب والسطو …

نعم بعض سياسيين المنهمكون في الحروب الكلامية « الدنكيشوطية  » ، ليس لهم الوقت ليفكروا في مصير مدينة وساكنتها المحاصرة بكل اصناف التهميش والموت … لهذا موت الطفلة اسراء رغم فجاعته ، لا مكان له في انشغالاتهم ، وهم الذين يتبادلون الابتسامات والعناق في عيد  » الحب  » ، وحدهم الذين يعرفون هذا المسمى  » الحب  » بينما في المغرب العميق ليس غير البؤس والسواد … نعم اذا كان هؤلاء يجتمعون في اعيادهم وفي حفلاتهم ينتشون ويفرحون ويتعانقون … ويضحكون … ففي جرادة لا يمكن ان يتم الاجتماع الا على المآسي والمآتم ، نعم هناك مغرب منسي لا يدخل في تلك الخريطة السياسية الا عندما  تداهمنا الانتخابات ، حينها تصبح المدينة مهمة وانسانها ذا قيمة !!! وغير هذا الزمان تعود جرادة الى بياتها كما لو انها تنام نومة اهل الكهف …

ففاجعة موت الطفلة اسراء  » لم يترك ذلك الالم وتلك الرجة لموت طفلة بريئة . ففي بلجيكا عندما اختفت طفلة من اصول مغربية وليس بلجيكية قامت الدنيا ولم تقعد واستأثر هذا الامر بالمسؤولين وبالراي العام وبالإعلام البلجيكي … فالأمر يتعلق بطفلة صغيرة بريئة ، بينما في المغرب الاهتمام والمشاعر اصبحت سياسية حزبية … فموت الطالب الحسناوي جعل رئيس الحكومة يستقل طائرة لمواساة اسرة الطالب ، واصبحت الدموع تتقاطر من عيون الوزراء … ، لقد كان موت الحسناوي نكبة عظيمة وهي كذلك لأنها كانت نكبة حزبية بامتياز ،  واذا كنا لن نقبل بموت طالب بريء فان طبيعة الاهتمام يجعلنا نتساءل عن هذا التمايز حتى في الموت وعن التفاضل حتى في الموت بين المغاربة .

نعم موت الحسناوي كان ظلما في حق طالب شاب ، لكن اليس موت طفلة صغيرة ظلما اعمق وافظع ، اليس هناك ظلما اكبر من هذا التهميش الذي تتعرض له المدينة وكل هذه العشوائية التي تغلف مناحي الحياة  … الاجتماعية والاقتصادية … المبنية على الاستغلال ، فالفحم كثروة وطنية لم يعد سوى مجال للنهب من طرف الاباطرة بينما باقي ابناء المدينة فريسة للموت والضياع لم يسلم منه البشر والشجر  حيث تحولت المدينة الى ألغام من الابار التي تهدد الصغير والكبير، اما الغابات التي كانت تزين وجه الارض جرى ويجري محوها باقتلاع عشرات الاشجار يوميا ، فيما سماء المدينة تغلفه سحائب سوداء من التلوث ترمي بغبارها يستنشقه سكان المدينة مرضا وموتا … لهذا كان اغلاق مناجم جرادة بابا مفتوحا نحو الموت بكل اشكاله ولكل فئاته …

موت الطفلة  » اسراء عرباوي  » صفحة من صفحات المآسي التي تدون في سجل جرادة ، وستستمر المدينة في ظل الاهمال والفوضى تكتب مآسيها بمداد اسود قاتم ، لهذا يعتبر موت هذه الطفلة البريئة رسالة جديدة من ضمن الرسائل التي لم تقرأ  كلما اقبل الموت يختطف احد ابناء المدينة . لهذا نتمنى لهذه الرسالة ان يكون لها صدى يحرك واقع التهميش الآسن عسى ان تسمح الدولة لنفسها ولو لوقت وجيز شيئا من التفكير لحماية شباب واطفال من الموت الذي يحاصرهم …

ع – س

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. محمد
    18/02/2016 at 17:36

    العزلة والتهميش يشملان جنوب المغرب الشرقي , الطرق منعدمة في العالم القروي بهده الجهة,وكانه ليست هناك ميزانيةتخصص لهده الرقعةمن البلاد

  2. فتيحة من ألمانيا
    19/02/2016 at 20:44

    رحم الله الطفلة اسراء والهم والديها الصبر و السلوان
    انها مأساة تنضاف الى باقي المآسي التي عرفتها هذه المدينة التي يكافح اَهلها من اجل لقمة العيش و يعانون في صمت دون اهتمام يذكر من المسؤولين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *