Home»Correspondants»ما هي تبعات التصريح بمحاربة الإسلاميين

ما هي تبعات التصريح بمحاربة الإسلاميين

0
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي

في البداية لابد أن نشير إلى أن الإسلاميين في المغرب يتبعون عقيدة أهل السنة والجماعة، التي تعد عقيدة الوسطية والاعتدال، ويتمذهبون بمذهب الإمام مالك الذي يعد المذهب الأكثر استيعابا للإسلام.

وفي ظلال هذين الركنين العظيمين، والمعياريين العلميين، تدرس العلوم الشرعية في جميع الجامعات المغربية، كعلوم القرآن، وعلوم الحديث، وعلم التشريع والفقه والأصول ومقاصد الشريعة والقراءات والسيرة وما إلى ذلك. وهذه العلوم وحدها من يقوم بحماية البلاد من التطرف الديني والغلو والإرهاب والفهم المشوه للدين.

وتعد القرويين أول جامعة في تاريخ البشرية، والتي يأتيها أكبر علماء الأرض من مختلف التخصصات ومن كل الأجناس زائرين منبهرين بهذه المعلمة العلمية التاريخية، ولا أحد منهم أخفى بأنه يشعر بالفخر والشرف لكون الظروف تيسرت له لرؤية وزيارة أول جامعة في تاريخ البشرية وهي جامعة لعلوم الدين.

إنه المغرب، مغرب الإسلام، مغرب الاعتدال، مغرب ابن تاشفين أمير المسلمين، الرجل الذي شدت إليه الرحال فقط لرؤية وجهه، فما بالك بما خطر في فؤاد ودار في عقل الزائر الذي وصل إلى مسمعه حضارة المغرب وتقدم المغرب وهيبة دولة المغرب.

لم يكن حجة الإسلام أبو حامد الغزالي صاحب إحياء علوم الدين، آخر الزوار العاشقين الذين أرادوا أن يمتعوا أعينهم برؤية ملك المغرب الفقيه العالم المجاهد، إلا أن المرض ألم بحجة الإسلام بأرض تونس فأدرج راجعا فأدركته المنية رحمه الله.

إن المغرب بالإسلام فقط صار مهيب الجانب، والإسلام وحده من جعل ملوك أوربا تأتي صاغرة تقدم الهدايا لملوك المغرب توسلا للقرب والرضا، ولعلهم يحضون بالتفاتة مولوية حانية. ومن يجهل هذا فليسأل إسبانيا جارتنا الشمالية، فليسألها حول هبة المغرب وعظمة المغرب الإسلامي الكبير، وليسألها

عن السر الذي جعل جميع الدول المغربية المتعاقبة تحضى بالهيبة والعظمة والقوة، منذ دولة الأدارسة إلى الدولة العلوية المجيدة التي لازالت باسم الإسلام عظيمة كما الأسلاف والأجداد.

إن الشعب المغربي، عربا وأمازيغ، منذ قرون، بمجرد دخوله في الإسلام وهو يعلم بأنه دين لم يأت به الفاتحون طمعا في خيرات البلاد، ولا سفكا لدم، ولا احتقارا لمواطن، ولا فرضا لضريبة، بل فتحوا الأرض ووحدوا بين قبائلها وتركوا لهم السيادة والحكم بعدما جلبوا لهم أكثر من مائة عالم تابعي ليعلموهم هذا الدين أحسن التعليم، فحتى أبناء الكاهنة التي أحرقت الأشجار وأتلفت الخيرات خوفا من طمع الفاتحين، أسلم أبناؤها لما رأوه من خير وحب في هؤلاء الفاتحين فصاروا من أكبر دعاة الإسلام، فبايع المغاربة ملوكهم على أساس الدين الإسلامي وليس على علمانية أو وثنية أو أي عصبية.

ولازال المغرب توحده العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي وتوحده الملوك باسم الدين على أساس البيعة، وهذه الأركان الثلاثة لم تترك مساحة لتواجد طوائف أخرى يمكن أن تنخر جسم الأمة المغربية بالدسائس والمكر والحيل، وهذا أحد أهم العوامل التي جعلت المغرب ينعم بالاستقرار في ظل العرش باسم الإسلام عبر قرون. ولذا ليس غريبا أن يبقى المغاربة، إبان القرن الثاني الهجري، موحَّدين على قلب رجل واحد دون تفرقة ولا عصبية ولا فتنة، بدون ملك يحكمهم، لمدة إحدى عشر سنة، وهم ينتظرون ولادة ملكهم المولى إدريس الثاني، ثم سينتظرونه حتى يكبر ويصير فتى يافعا ليبايعوه بيعة شرعية صادقة. فكيف يعقل هذا؟ كيف يعقل أن يبقى كرسي الحكم فارغا، طيلة هذه المدة، دون أن يطمع فيه أحد، أو تقوم من أجل حرب وفتنة؟ ليس هناك تفسير لهذا سوى تفسير واحد وهو أن المغاربة مشبعون بحب نبيهم وحب آل بيته الأطهار ولم يرضوا عنهم بديلا كملوك. ولنعرف قيمة هذا السلوك وعظمته، لابد أن نذكر بأن واقع العديد من الدول يحدث فيها انقلاب على الملوك أو الرؤساء وهو لا يزالون أحياء على عرشه أو وهم لا يزالون في قمة عظمتهم. ولكون الأشياء تعرف بما يضادها، فهذا سيبين لنا عظمة المغاربة الذين رباهم الدين، وباسم الإسلام ارتبطوا بملوكهم وشكلوا وحدة لا تنفك عراها، ملوك متواضعون ومدافعون عن حمى الوطن والدين وشعب رهن إشارة الملوك في الفرح والقرح في السلم والحرب.

إن التمسك بهذا الدين والاعتصام بحبله المتين، والبيعة الشرعية لملوك المغرب، هما من جعلا المغرب رائدا وقائدا لإفريقيا عبر قرون، وهذه الريادة رأيناها تتجدد في القرن الواحد والعشرين، تحت قيادة أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ملكا وأميرا وأبا لجميع المغاربة، فبقيادته الحكيمة أحيى سنة أجداده في قيادة إفريقيا وتأطيرها دينيا على عقيدة الوسطية والاعتدال، فعمل على نشر المذهب المالكي، وعقد الدورات والندوات لتكوين أئمة العديد من الدول الإفريقية، وقدم لهم المصاحيف برواية ورش عن نافع، وهو يعلم بأن بهذا الدين وبعقيدة المغاربة ومذهبهم سيعم السلم بإفريقيا، وسيتقلص الإرهاب ويندحر بهذا المنهج القويم الذي يرضي الله ورسوله ويرضي المغاربة لأنه يجعلهم يتذكرون تاريخ أجدادهم يوم كانوا دعاة ناشرين للخير في كل الآفاق.

إن أي دعوة ليحيد المغاربة عن هذا الخيار الاستراتيجي التاريخي، لهي دعوة إلى الموت والفناء، لأن من الحمق أن تعصف بتاريخ وجذور شعب، ومن النذالة والسفه أن تعلو الأصوات دون حياء مطالبة بعلمنة المغرب الإسلامي، في حين أن المغرب لن يكون له شأن بين الأمم إذا فصل عن دينه وإمارته التي تقوم على أساس البيعة الشرعية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.