Home»Correspondants»في فلسفة الجوع الكلبية الدرس الأساسي: جوع كلبك يتبعك

في فلسفة الجوع الكلبية الدرس الأساسي: جوع كلبك يتبعك

1
Shares
PinterestGoogle+

مقولة من مقولات العهد القديم.كان الناس يؤمنون أن الكلاب تتبع ملاكها عندما تتركهم في حالة من الجوع المزمن.بحيث اذا شبعت يمكن أن تجعل مالكها غذاءها المستقبلي، أو على الأقل تحاول أن تعضه، او تمارس عليه ارهابا بمحاولة الهجوم عليه.

قال الناس من أهل العلم أن البطن عندما تشبع فانها تقول مجازا للرأس « غني » ليس كغناء الطيور، و لكنه غناء من نوع آخر، قد لا يستسيغه أهل السلطة و التحكم في الرقاب و العباد.فالحكمة و السلطة عدوان لا يجتمعان في انسان واحد، فاذا حضرت الشياطين انسحبت الملائكة.

 غناء الرأس هو التفكيرالذي يجلب لدى بعض من الناس الوجع في البطن و في الرأس،لهذا كانت الفلسفة مرفوضة من طرف المجتمعات الفيودالية (الاقطاعية)،فهي تجعل الرؤوس تسخن و تحس بالوجع كلما استعملت العمل الذهني، أو سمحت للآخرين باستعماله.

الفلسفة عدوة الديكتاتورية و التسلط و التعصب و التحكم بأي وسيلة من وسائله. السلطة لا تتحمل التحليل و المناقشة و المساءلة التي تعتبر جوهرية و فريضة من فرائض التفلسف، بينما كل درس فلسفي هو للتحليل و المناقشة يتبعها وابل من الاسئلة الصغيرة والسؤال الأساسي الكبير الأب الروحي لكل الأسئلة الصغيرة.

 ومن الأمور التي حوربت بها الفلسفة و كانت عدوة للمؤمنين القانعين و المقتنعين بأي جواب حتى لو كان من باب  » نجاعة أخذ الدواء من بول البعير »، أن أهلها ملحدون و زنادقة و مشاغبون و مستفزون، أو بين المنزلتين في أحسن الأحوال.لهذا يقال للعامة  أن :الأحزاب اليسارية أحزاب ملحدة ضد الله و رسوله، و أن الأحزاب اليمينية هي أحزاب من أحباب الله و رسوله…

 أهل الفلسفة في التأملات يغرقون عقولهم حتى النخاع،و يسمحون لتفكيرهم بالتحلق و الطيران الى ما وراء السحاب، وقد يكون الى ما وراء السماء السابعة.و تبريرهم في هذا أن الله اذا منح الانسان هذا العقل الجبار العظيم الذي يبرز عظمة الخالق و قوته في خلقه و مخلوقاته، فلم لا يستعمله الانسان كمخلوق مفكر؟لماذا يترك عقله في مستودع المثلجات من الأموات؟لماذ لا ينشطه بشطحات فلسفية تذهب عنه الغم و الحزن و الكرب؟

العلم هو غذاء العقل الأبدي، فلا يستوي عند الله سبحانه الذين يعلمون و الذين لا يعلمون،الذي لا يعلم هو كالحمار الذي يحمل أسفارا(و ليس أصفارا=0). فحذار، فالعقل عندما يجوع  قد يلتهم صاحبه ،كما تلتهم الكلاب الغربية أصحابها عندما تجوع.بخلاف الكلب العربي الذي ألف التقتير و البخل من صاحبه…فهي تشكو مصابها مع هذا الصاحب المقتر البخيل الى خالقها …

لماذا لا نقلب المقولة التي صاغها العهد القديم للانسان ، فنصححها كالتالي :أحسن الى كلبك يحسن اليك.أطعم كلبك يتبعك و يحميك و يدخل السرور اليك؟.أليس هذا هو المنطق السليم ؟

 كان الناس من الفضلاء المغفلين يعتقدون أن الملوك في العهد القديم كانوا يتركون رعيتهم في جوع مستمر.انه منطق من يفكر أن على الرعية أن تفكر دوما و بلا انقطاع في ما يملأ بطنها.و أن لا يتعدى تفكيرها مساحة أنفها.فهي ان شبعت قد يكون لها مطامع في الكراسي و الموائد و ما فوقها…و قد يؤدي بها تفكيرها الى المطالبة بالحكم والصولة و الصولجان ؟

و  الشعوب عندما تشبع من الأكل، قد تطالب بالكراسي و المناصب.فالبطون المليئة قد تتواصل مع العقول اليقظة لأجل المطالب ورفع  الشعارات و اللافتات و الأناشيد الحماسية و الوقفات الاحتجاجية المطالبة بالحقوق.وهذا غير مقبول بتاتا عند الملوك في العهد القديم الذين جعلوا من السيطرة و الغلبة و سيلة للتحكم.

ملوك العهد القديم، لم تكن لهم دراية و علم بالمقولة المنفلوطية، التي تبناها الكاتب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي في أحد نصوصه في كتابه النظرات و كتاب آخر العبرات. وهي نصوص ملؤها البكاء و العويل تعكس شخصية الانسان العربي المغمورحزنا و هما و كمدا و عاطفة. هي نصوص تشبه الأفلام العربية المصرية التي لها باع طويل في القنوات العربية كلها: وفي كل حلقة هناك مشاهد كثيرة و متسلسلة للبكاء غير المبرر. الكل يبكي ،الأمهات و الجدات والرجال و النساء و المراهقات و الأطفال،انها مسلسات البكاء و الأموات   و خيمات التعازي و الجنازات.

 كتب المنفلوطي نصا تحت عنوان » البطنة تذهب الفطنة »،في اشارة الى الأغنياء الذين تمتلئ موائدهم و معدتهم، بما لذ و طاب من الأكل مختلف ألوانه و أشكاله.ومن حسرة الفقير أن يقول هذا الكلام:(البطنة تذهب الفطنة)، لشعوره العجز أن يملأ بطنه بما لذ و طاب ، كما يفعل الأغنياء. انها مقولة الثعلب الذي لم يستطع الوصول الى العنب فقال « هذا عنب حامض « .

و لعل الكاتب أغفل أن العقل يتغذى من ما نأكل من غذاء،فليس كل ما يؤكل مغذي، كما يرشدنا  اليه أطباء التغذية الغربيون.و عندما ينعدم الأكل المغذي تنعدم النباهة و الذكاء و الفطنة و العبقرية، و يحل محلها الغفلة و السذاجة و البلادة و البلاهة.

انها مقولة فارغة من المحتوى،و تشبه ما اعتدنا –و نحن صغار في المدارس الحكومية- أن نسمعه و نقرأه في النصوص القرائية: أن النعيم مع الفقر و الجحيم مع الغنى. و أن الغني يشقى بماله لأنه يبيت الليل كله في حساب و عد أمواله و لا يتذوق حلاوة النوم العميق، وعندما يصبح يعد المال أيضا.بينما يبيت الفقير مرتاح البال في نوم بلا أحلام مزعجة، فليس له ما يعده و لا ما يخاف عليه من الضياع…فالسعادة مع الفقر، في نظر هذه الأقوام البائدة، و الشقاء مع الغنى و الثروة…كنا أطفالا سذجا  و مغفلين  عندما كنا نردد- في نشاط – مع معلمنا هذا الكلام مرارا حتى نحفظه عن ظهر قلب كما نحفظ الآيات القرآنية.

و الآن أصبح للفلوس والمال و الثروة هي الأداة  الوحيدة، التي تشق الطرق فوق البحار ،بل أيضا تشق الطرق نحو السحاب و السماء، بل الى الكواكب التسعة المكتشفة لحد  الآن 2015… و ينتظر بعض الفقهاء المتنورين، أن يصل الانسان الغني العالم في الضفة الغربية للمحيط، الى اكتشاف كوكبين آخرين. فسيدنا يوسف عليه السلام رأى في حلمه 11 كوكبا.وفقهاؤنا  المجتهدون المتابعون للتطورات العلمية ينتظرون بفارغ الصبر، ان يكتشف أغنياؤهم و علماؤهم هذين الكوكبين، لتصح الرؤيا التي أعلن عنها سيدنا يوسف(وهو نبي بني اسرائيل للتذكير) وأخبرنا بها الله عز وجل في كتابه الكريم.

و الآن :هل من الغفلة أن تجوع الكلاب لتتبع مالكيها أم أن تشبع لتحمي مالكيها و تدافع عنهم، و تدخل السرور الى قلوبهم، و تؤدي خدمات لهم كما دافع الكلب الوفي عن مالكه(صاحبه) في نص أحمد بوكماخ (الكلب الوفي)؟

أم أن الكلاب العربية في مستوى الرعية العربية في نظر حكامها، يجب أن تبقى في حالة من الجوع  المزمن حتى لا تستعمل ذهنها في التفكير المخرب الذي قد يصل بمستعمله الى السدة و الكرسي و المنصب و الغنائم و المكاسب؟؟.

أخيرا نقول قولتنا هذه و نستغفر ربنا الغفور الرحمن:  قد يجتمع الفقر و الجهل و المرض في شخص واحد أو جماعة من الناس،و هذا خطر عليهم.و لكن عندما يجتمع الغنى و الجهل فهذا خطر على الشعوب و الأمم، هكذا صرح الحكيم « قمقوم » ذات يوم.

انجاز:صايم نورالدين

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *