إيلان: يا من تنازع عليه البروالبحر

بقلم الدكتور أبي سيرين محمد علال.

لم تخرج للعب يا ولدي ، وإن كان لباسك لباس اللهو واللعب، بل خرجت من الربع اليابس إلى ثلاثة أرباع الماء،وأنت في عمر نور الفجر الربيعي ، لتبين للعالمين أن عظام الطفل اللينة ، وعضلاته الفتية ، قادرة على جوب فيافي اليابسة الطويلة ، وإرهاب وحشها ، وفي مكنتها خوض لجج المائية الصاخبة ، وقهر عتوها.
أيها الطفل الجميل ، ويا أسد البر والبحر.
لقد كان لصورتك ، وأنت ملقى على شاطئ البحر، يتنازع فيك التراب والماء ، ذاك يجذبك إليه ليتطهر ببراءتك من درن الأحياء ، ويفاخر بك مخلوقاته العجيبة .وهذا يجرك إليه ليتبث بك أوتاد الأرض التي مادت بظلم القلوب القاسية…………………
قلت كان لصورتك تلك ، وأنت متوسد لجة البحرلرأسك الناعم ، ومفترش الأرض لبدنك الطري ،أثر في نفوس الأحياء من العالمين، إذ بكتك العاقم والوالدة ، وبكاك الابن والأب ، وبكتك البنت والأم ، وبكتك طيور السماء وحيتان الماء ، هذه التي سالمتك وهابتك وانطوت جوانحها كمدا عليك ، ولم تستسغ أنيابها ولا مخالبها طعم لحمك الملائكي ، وهو متيسر لها قريب المأخذ والمنال.
ظهرت يا إيلان فوق الماء والتراب كما تظهر الشمس من بين التلال والروابي، ظهرت أنت ،وغاص من كان معك ،من الأهل والأقارب في أعماق اليم، وتحت أكداس الصخور.فهل كان ظهورك بتلك الحالة المؤلمة بيان على ظهور الفساد في البحر والبرالذي جاء الحديث عنه في إحدى آيات القرآن الكريم.؟؟؟
ظهرت يا حبيب كل كبد رطبة ، وكأنك كنت قبل أن تصعد روحك إلى السماء،تحاول أن تدفع البحر برأسك الرخو، والبر برجليك الصغيرتين ، لتنفذ إلى مكان لا في البر ،ولا في البحر……………..بل في السماء….
ظهرت يا إيلان ، وكأنك دمعة البر والبحر، انحدرت من أعماقهما ، وارتسمت على خد الحياة الضنكة والأحياء الجبناء.
ظهرت وكأنك تفتش في ماء البحر ، وفي تراب الأرض، على مهلة حياة قصيرة ، لتحكي قصتك الطويلة للأحياء الأقزام ، فلم تجد من ذلك شيئا ، ولو وعدا كاذبا………………….
قل لي يا حبيب القلوب في كل بر وبحر ، كيف سيستقبل الأطفال في سنك -الذين رأوا صورتك – الحياة ، وكيف سيواجهون أتعابها وشدائدها……..
ربي قد وهنت جفون عيني بالدمع ، واشتعل قلبي حزنا فألطف بي ، وأفرغ علي صبرا ، فالمنظر لا يطاق ، والصورة تكسر من الأرض الأطباق ، سبحانك أنت الباقي وأنت القاضي بين الناس في يوم التلاق……