Home»Correspondants»التكوين المستمر : الحاجة إلى تغيير المنهجية

التكوين المستمر : الحاجة إلى تغيير المنهجية

0
Shares
PinterestGoogle+

التكوين المستمر : الحاجة إلى تغيير المنهجية
علي بلجراف (+)

منذ سنة 2006 شرع في تخصيص اعتمادات مالية ، بشكل منتظم ، لبرنامج التكوين المستمر في قطاع التربية الوطنية .

وقد استبشر الفاعلون التربويون خيرا بأمل أن يساهم هذا التكوين ، في تطوير المردودية الداخلية والخارجية للمنظومة التربوية . لكن ، إلى أي حد تؤشر المنهجية المعتمدة في تصريف دورات التكوين المستمر على تحقق هذا الانتظار الأساسي ؟
إذا اقتصرنا هنا على هيئة التدريس كفئة مستهدفة ، من بين فئات أخرى ، في جميع الأسلاك والمراحل التعليمية ( تعليم أولي ــ ابتدائي ــ إعدادي ــ تأهيلي ) والتي يتولى السادة المفتشون تأطير دورات التكوين المستمر المنظمة لفائدتها ، فإن بإمكاننا إبداء بعض الملاحظات والاقتراحات بصدد منهجية إنجاز هذا التكوين وتكلفته المالية والتربوية قياسا على حصيلته ونتائجه وحول قيمته وأهميته بالنظر إلى أولويات أخرى ما تزال مطروحة داخل المنظومة .
تقتضي المنهجية المتبعة حاليا في تصريف برامج التكوين المستمر على مستوى النيابات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية تنظيم دورات تكوينية قد تصل مدة كل واحدة منها إلى خمسة ايام مسترسلة بالنسبة لكل مدرس ، فقد استفاد مدرسو التعليم الابتدائي مثلا من دورة تكوينية حول بيداغوجيا الإدماج مدتها خمسة أيام ، أما بالنسبة للمؤطرين فقد أنجز البعض منهم ما يفوق المائة ساعة من التكوين .فكيف يتم إنجاز هذا الكم الهائل من الساعات ؟
يتم إخراج المستهدفين من المدرسين والمدرسات من الفصول الدراسية نحو مراكز التكوين على دفعات وضمن أفواج مكونة من ثلاثين فردا لكن مع ضمان التغذية والمبيت لهم طيلة مدة التكوين .

قد يكون الأمر يسيرا بالنسبة للسادة المؤطرين ، كما يؤكد أحدهم ، إذ يتم الاشتغال على نفس المضمون مع أفواج متعاقبة من المتكونين أو  » المستفيدين  » ، لكنه ليس بنفس القدر من اليسر بالنسبة للفاعلين التربويين الآخرين على الأقل لما يرتبه خروج المدرس من القسم لمدة خمسة أيام من حاجة وضرورة لتعويض الزمن المدرسي المصروف في التكوين المستمر واستعادته لإعادة صرفه في الدروس من أجل ضمان إتمام إنجاز البرامج والمناهج الدراسية المقررة في الأوقات المحددة .
لكن ، ألا توجد منهجية بديلة من شأنها أن تضمن تمرير مضمون التكوين المستمر دون اللجوء إلى إخراج المدرسين من الأقسام ؟ منهجية تمكن ، ليس فقط من تدبر زمن التكوين المستمر مع تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم في نفس الوقت ، وإنما تتيح أيضا الاقتصاد في الجهد والمال .

وقبل الخوض في هذه المنهجية البديلة الممكنة ، دعونا ندفع حجة ، تبدو معقولة لكنها مردودة مفادها إن التكوين المستمر الجاري اليوم ، هو بمثابة استثمار في الموارد البشرية العاملة وإن أدى إلى إخراج المدرسين من الأقسام اليوم ، فإنه سيعود بالفائدة على التحصيل في المستقبل .

وإذا كنا لا نجادل ، من حيث المبدأ ، في قيمة وأهمية الاستثمار في الموارد البشرية بالتكوين المستمر ، فإن هذه الحجة لا يمكن ، مع ذلك ، أن تثنينا عن البحث عن إمكانيات أخرى متاحة لتحقيق الانتظارات من هذا التكوين دون الحاجة إلى إخراج المدرسين من الأقسام .
بالرجوع إلى المذكرات الوزارية المحددة لمهام هيئة التفتيش التربوي والتي تمتح وترتد في النهاية إلى النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية في طبعته الأخيرة ، يلاحظ أن التكوين مهمة أساسية ، ضمن مهام أخرى ، موكولة لهذا الجهاز كالتنشيط التربوي والتأطير والمراقبة والبحث . يدل هذا إذن على أن تكوين المدرسين في موضوع تدريس المواد الدراسية ، حسب التخصصات ، يندرج في صلب العمل والأنشطة التربوية العادية للمفتشين . بعبارة أخرى ، ينتظر من المفتش إنجاز ندوات تربوية ودروس تجريبية حول المستجدات والقضايا التربوية والديداكتيكية ذات الصلة بمادة أو مجال تخصصه لفائدة المدرسين ، إلى جانب الزيارات الصفية والمشاركة في أنشطة أخرى طارئة و/ أو موسمية .
إن الداعي إلى التذكير بهذه المهام هنا هو حالة التماهي الحاصلة حاليا بين التكوين المستمر بمنهجيته الحالية ، والممارسة العادية لأنشطة التفتيش . فبما أن الفاعل المؤطر في هذا التكوين ، الموجه تحديدا للمدرسين ، هو المفتش وبما أن مضمونه ، مرتبط بقضايا ومواضيع هي من صميم عمل التفتيش التخصصي الذي يتم تصريفه عن طريق الندوات التربوية ( الكفايات ، التقويم ، ديداكتيك المواد ، الكتب المدرسية ، بيداغوجيا الإدماج …)

وبما أن المستهدفين هم نفس المدرسين العاملين بمنطقة التفتيش الخاصة بالمفتش وأخيرا بما أن الطريقة لا تختلف كثيرا عن طريقة الندوات التربوية ، فيحق لنا إذن أن نتساءل عن الفرق بين عمل التكوين المستمر والعمل العادي والمعتاد للمفتش . فبعد أن كان المفتش يتناول القضايا التربوية السالفة الذكر في إطار ندوات تربوية ودروس تجريبية كأنشطة عادية ومعتادة مندرجة في صميم عمله وفي أوقات مختارة بعناية حفاظا على الزمن الدراسي للتلاميذ والتلميذات ، صار التكوين المستمر ، بمنهجيته الحالية ، يؤدي إلى إخراج المدرسين من الفصول الدراسية ، للاستفادة ، في أفواج متعاقبة ، من أجل التكوين المستمر .
لا تختلف صورة تصريف التكوين المستمر هذه ، إذن ، عن الصورة المفترضة لإنجاز الندوات التربوية المعتادة ما دام كل مفتش يستقبل ويتولى تكوين المدرسين العاملين بمنطقته التفتيشية سوى أن التكوين المستمر يرتب ، إلى جانب تكلفته المالية والمادية ، المرصودة للتغذية والمبيت وتعويضات التأطير ، انشغالا وقلقا بيداغوجيين ، للمدرس والإدارة التربوية ، نابعا من ضرورة تعويض الزمن المدرسي حتى لا يهدر بسبب إخراج المدرسين من الأقسام ، في وقت تطرح فيه عن حق مسألة تأمين الزمن المدرسي وزمن التعلم للتلاميذ والتلميذات .
لماذا الاستمرار إذن في تصريف التكوين المستمر بهذه المنهجية المكلفة ليس ماديا فحسب بل وتربويا أيضا ؟ لماذا لا يتم تمريره بالأقل في الجانب المتعلق بالحاجات التربوية العامة والتخصصية عبر الندوات واللقاءات التربوية المندرجة ضمن مهمة التكوين الموكولة للمفتشين بشكل عادي أو في إطار تعاقدي حول عدد محدد من أنصاف الأيام أو الساعات ينجزها المفتشون كل في إطار منطقته التربوية ؟

لقد سبق أن طبقت هذه المنهجية بمناسبة العمل بمناهج وكتب مدرسية جديدة في وقت سابق وأعطت النتائج المنتظرة بأقل التكاليف ، حيث تم ، أثناء عملية وضع جداول حصص المدرسين تحريرهم من العمل خلال نصف يوم على الأقل في الأسبوع ليتم استثماره في إنجاز برامج التكوين المستمر والأنشطة التربوية الأخرى باستثناء الدروس التجريبية .
وإذا كانت هذه المنهجية تحافظ على السير المنتظم للدراسة لأنها لا تخرج المدرسين من الأقسام لغرض التكوين المستمر ، فإن من شانها أيضا أن تعمل على تفعيل المجالس الإقليمية لتنسيق التفتيش على مستوى النيابات من خلال اشتغالها كآلية للهندسة والتتبع والمراقبة إلى جانب مصالح النيابة .
إن من شأن هذه المنهجية أن تعمل إذن ، بنظرنا ، على تطوير تدبير التكوين المستمر الخاص بأطر التدريس . فبما أن وسائل تنقل المفتشين على مستوى النيابات صارت متوفرة الآن بأعداد كافية ، فيكفي تحفيز المفتش بتعويض معقول عن أنصاف الأيام المنجزة في إطار برنامج التكوين المستمر لتصبح المهمة منجزة ، بعد أن يكون هذا الأخير قد خضع لتكوين معمق حول الموضوع . أما المبالغ المالية الممكن توفيرها بإعمال هذه المنهجية البديلة ، فإن ثمة مجالات كثيرة في أمس الحاجة إليها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــ
(+ ) مفتش الفلسفة بالناظور

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. متتبع
    04/03/2011 at 14:48

    حذار أيها الأخ من أن يسمعك مفتشو الابتدائي لأن مقالك هذا يهدد مصالحهم و أرزاقهم كما يقولون لأنك ستحرمهم من ملايين السنتيمات لأن منهم من « كون » لمايزيد عن 300ساعة وإذا ضربت 100درهم في 300ساعة=؟

  2. مهتم
    04/03/2011 at 14:48

    على السادة الأساتدة أن يطالبوا بالتعويضات متل باقي المكلفين بالتكوين المستمر و أن لا يعتبرون كقطط العرس ياكلون الطعام البايت و يجتمعون على الموائد كالجياع لاهانتهم و خلف ضهورهم و في القاعات المكيفة يصبحون أضحوكة و نكتا يتداولها المسوولون .

    طالبوا النقابات بحل هده المهزلة و الحفاظ على كرامة الأستاد .

  3. مدير
    04/03/2011 at 14:48

    التكوين المستمر ضروري ومهم لكن الحفاظ على الزمن المدرسي للتلاميذ ضروري ومهم كذلك . ينبغي البحث عن طريقة لضمان تحققهما معا . هذا هو المطلب .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *