Home»Correspondants»جريدة القدس العربي : البصري اصبح ديمقراطيا وتجار درب غلف نجحوا في تفكيك الشيفرة

جريدة القدس العربي : البصري اصبح ديمقراطيا وتجار درب غلف نجحوا في تفكيك الشيفرة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

محمد البقالي ألم يتعلم أن الصمت حكمة وأن المرء مخبوء وراء لسانه ؟ اما كان أجدر به أن يساعد الناس علي نسيانه عوض تذكيرهم اليومي بوجوده وبالتالي بماضيه؟ إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق والرجل القوي علي عهد الحسن الثاني بل وربما أقوي وزير عرفه المغرب ما بعد الاستقلال، منذ قرر الخروج عن صمته لصراعات يقول إنها شخصية مع من يجلسون الآن في المكان الذي شغله ثلاثة عقود كاملة، وهو لا يفتأ يخرج عن الطور… لقد كثر لغطه فكثر غلطه. لم يكتف البصري بالصحف، ولكنه لجأ إلي الحرة وبعدها إلي الجزيرة ، يقال إنه تقاضي مقابل اللقاءين مئات الآلاف من الدولارات، وفي حديثه لم يفعل اكثر من أن استنزل لعنات ضحاياه الذين كانوا يتابعون الحلقتين وتعليقاتهم لا تتوقف. قال البصري، إنه لم يظلم أحدا في حياته، وان ما وقع من ظلم حصل سهوا أو دون علمه، وانه لم يمنع أحدا من جواز سفره دون وجه حق، وأن من منعوا إنما لمعرفة الدولة بعدم مقدرتهم علي السفر. طبعا: هل يعرفون هم أفضل من الدولة؟ وأكثر من ذلك طالب الذين عذبوا في تازمامارت ودرب مولاي الشريف وأكدز بالاعتذار، لأنهم شوهوا صورة البلد وحاولوا الانقلاب علي المؤسسات وروعوا البلاد.. فعلي كل الذين ضربوا فصرخوا، إذن، أن يعتذروا عن صراخهم، لأنهم بفعلهم ذلك أساؤوا للمغرب، والعهدة علي البصري

ويمكن في هذا السياق إنشاء لجنة، تسمي مثلا لجنة إنصاف المسؤولين من ضحاياهم، يعهد إليها بتقدير حجم الخسائر التي ألحقها هؤلاء ببلدهم، كي يجبروا علي جبر الضرر، طبعا مع تقديم تعويض مالي، قد يساعد علي تجاوز مشاكل هذه السنة المالية. أعرف صديقا صحافيا، لا ينفك يلعن البصري كلما رأي خلقته أو سمع خبرا عنه، لا لثأر شخصي، ولكن لأنه منعه من جواز سفره. كان سعيد (إسم الصحافي) يدرس في المعهد العالي للصحافة، وكانت أسرته كلها موجودة في فرنسا، وطبعا كان يرغب باللحاق بها لإتمام دراسته هناك والعمل بعد ذلك. لكن البصري كان له رأي آخر، فقط لأن سعيد، كان يزور بنزكري وغيره من مسؤولي هيئة الإنصاف والمصالحة الآن عندما كانوا معتقلين في السجن. يؤكد سعيد أنه لم ينتم إلي أية جمعية لا سرية ولا علنية، فقط حسه الإنساني المرهف دفعه إلي التوجه كل أسبوع إلي سوق الجملة حيث الأثمان مخفضة ليشتري خضرا وفواكه يحملها إلي الطلاب السجناء. كان ذلك كافيا لحرمانه من جواز سفره. وقد بلغت الصفاقة برجال هذا الذي يتحدث عن الديموقراطية اليوم، أن عرضوا عليه التجسس علي أصدقائه ان هو أراد تسلم جواز السفر. قلت لصاحبي بعدما سمعت حديث البصري، يجب أن تعتذر عن كل قذف ارتكبته في حق هذا الرجل، لأنه ما منعك من جواز السفر إلا لحكمة لم تكن لتدركها.. هل ستعرف أنت أفضل من أجهزة دولة عريقة؟ أما قصة البصري مع الإعلام الذي أنكر أنه كان يوجهه، فحكاية أخري، واسألوا الصحافيين المغاربة الذين ما ان فتحت أبواب الهجرة حتي رحلوا أسرابا وما عادوا حتي وقد رحل. أن يكون للرجل مشكل ما مع المسؤولين في البلاد فهذا أمر، أما أن يكذب علي العالم فهذا أمر آخر، ليعلم البصري أن أحدا في هذه البلاد لا يحن إلي لحظات سلطته. بعيدا عن الماضي النظيف للرجل في مجال حقوق الإنسان والديموقراطية كما يدعي، اقترف الرجل في حواره مع الجزيرة مجزرة في حق اللغة العربية. من سمع منكم بكلمة أكناك في اللغة العربية. قالها البصري. ومن سمع منكم بـ لا أحمل لهم إلا الحقر . قد قالها أيضا. ولتسهيل الأمور علي إخوتنا المشارقة، نوضح أن أكناك اشتقها الرجل، من مفرد كنك وتعني بالعامية غير الراقية: صاحب الدماغ القوي والتفكير السديد. أما الحقر، فقد كان الرجل يقصد بها الاحتقار في معرض حديثه عن أولئك الذين تزلفوه طوال فترة وجوده في السلطة قبل أن يسلقوه بألسنة حداد بعدما انتهي كل شيء. عاش الكثير من المغاربة طيلة الأسبوعين الماضيين علي أعصابهم، ومنهم من لا يزال. السبب بسيط وواضح: القنوات الفضائية الفرنسية المشفرة التي كان المغاربة يلتقطونها ببطاقات مقرصنة لا يتجاوز ثمنها في الغالب الأعم 30 درهما (ثلاثة دولارات) اختفت فجأة ودون سابق إنذار. مفاوضات سرية الشركات الفرنسية غيرت ذبذبات قنواتها، ووضعت شفرة صعبة استعصت علي قراصنة درب غلف (سوق في الدار البيضاء، بمثابة مختبر كبير لقرصنة شفرات القنوات)، مما حرم المشاهدين طيلة المدة السابقة من قنوات تي بي إس ، و ميلتيفيزيون التي تشمل قنوات السينما والرياضة والأفلام والجنس… أي أنها تتضمن كل ما يشاهد رفقة الأسرة وكل ما يفترض انتظار نوم الجميع . لم تطل الأزمة كثيرا، فقراصنة درب غلف (في الحقيقة يجب إعطاؤهم إسما أكثر احتراما، لنقل خبراء مثلا)، خبراء درب غلف إذن، خرجوا بالشفرة، وانتصروا مرة أخري علي أكبر الشركات العالمية في المجال. لم يتطلب الأمر منهم سوي الاجتماع مرات متعددة لدراسة الوضع، وبعدها انكب كل منهم علي حاسوبه النقال المرتبط بشبكة الانترنت.. ملاحظتان أساسيتان: الأولي وهي أن المشاهدين طيلة فترة اختفاء القنوات، كالوا السباب لقنوات تي بي إس و ميلتيفيزون ولعنوا مسؤوليها أولاد الحرام ، مما يخلف اعتقادا لدي السامع أن الأمر يتعلق بحق اغتصبته هذه القنوات، أما الثانية فهي أن قراصنتنا عباقرة فعلا، فقد أنزلوا كبريات القنوات لفضائية من صياصيها، وهناك حديث عن مفاوضات تجري في السر لشراء كبارهم كي يتوقفوا عن استخدام عبقريتهم تلك. بانتظار الأفظع! كان حدثا طيبا، أن تفتح الدولة معتقل أكدز في وجه فريق القناة الثانية المغربية. فلأول مرة، يتم الحديث عن المعتقلات السرية بشكل لا لف فيه ولا دوران، وتتم تسمية الأشياء بمسمياتها. كانت لحظات أليمة حينما عاد معتقلان سابقان في ذلك المكان البغيض إليه، ليحكيا للمشاهدين فظائع ارتكبت في وقت كان الحديث فيه عن دولة حقوق الإنسان لا يتوقف. إحدي أقوي لحظات البرنامج، كانت في إمشليل (منطقة أمازيغية نائية)، حيث كان لقاء البرنامج بعدد من المعتقلين الذين لم يعرفوا سبب اعتقالهم إلا بعد أن أصيبوا بعاهات مستديمة… نساء فاقت أعمارهن الستين يحكين عن معاناة ما زالت آثارها بادية علي أجسادهن المعتلة، وأخريات ذهب أزواجهن ولا زلن ينتظرنهن مذ غابوا، دون أمل في العودة… صراحة البرنامج فاجأ المتتبعين، الذين حفظوا كلام التلفزيون في مثل هذه المناسبات. ويبدو أن للأمر ما يبرره فجلسات الاستماع التي قررت هيئة الإنصاف والمصالحة أن تكون عمومية اقترب أجلها، في منتصف كانون الأول (ديسمبر) وهي جلسات ينتظر أن يحكي فيها عن مختلف بشاعات العهد الماضي، لعل البرنامج يهييء الناس لسماع ما هو أفظع.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.