Home»Correspondants»على هامش امتحانات الباكالوريا

على هامش امتحانات الباكالوريا

0
Shares
PinterestGoogle+

على هامش امتحانات الباكالوريا
"من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه"
تحقيق: رحو عبد الحق
توطئة
تعتبر قضية الغش في الإمتحانات ظاهرة إجتماعية خطيرة تجر في أهدابها فسادا فكريا وأخلاقيا يظل في علاقته أكثر إرتباطا بقطاع التربية والتكوين ببلادنا.
فلا أحد ينكر أن الجهة الشرقية تعيش على إيقاعات أزمة حقيقية لتردي المستوى الدراسي، مقابل تفشي بدائل غير مشروعة لتجاوز الضعف العلمي الحاصل لدى التلاميذ والطلبة، أزمة خلفت جرحا مفتوحا في قلب المشهد التعليمي المغربي عامة، وبات الأمر في غاية البساطة أن يلجأ التلميذ أو الطالب الوجدي إلى متابعة دراسته خلف تقنيات تم ضبطها بإحكام يسهر من أجلها الليالي ليحول رزنامة من الدروس إلى أقراص صغيرة، يسهل على التلميذ إستعمالها بقاعة الإمتحان وذلك بعد إحاطتها بعناية فائقة من السرية والكتمان.
هذا المشهد نفسه تتجاذبه عدة مقاربات على أطراف متناقضة، مقاربة تعرف على هواجس تحميل المسؤولية للقائمين على تربية الأجيال وتأهيلهم من أجل جر عربات قافلات التربية والتعليم والعمل على ترسيخ دعائم ثقافة نموذجية لكنه في نفس الوقت هو المشهد نفسه الذي يسخر عزوف الشباب المتمدرس عن "الصحوة الدراسية " بل حتى من يعتبرون من زمرة الأوائل داخل هذا المشهد السقيم، فيكفي أن نطرح السؤال… لماذا الدراسة؟؟
لتنجلي الصورة الحقيقية لطبيعة هذا المسار التعليمي وتنجلي تبعا لذلك في وضوح خيوط أزمة انحسار وهج سطوة التربية الوطنية كما نعرفها…
فقد أظهر تردي المستوى الدراسي أن الطلبة والتلاميذ لا يهتمون بالمرة وأن تعلقهم بالدراسة لا يعدوا أن يكون إلا من منطلق وظيفي لا غير وعلى شاكلتهم تقف نسبة عريضة من رجال التعليم واجمة حيال هذا الأشكال واستنادا إلى هذه المعطيات وغيرها يبدو أن حال الدراسة في ربوعنا لا يسر عدوا ولا حبيبا، ولا شيء في الأفق يبعث على الإرتياح سوى إشارات واضحة لضرورة إعادة النظر في الإستراتيجية التي يضعها المسؤولون لمواجهة أزمة الأمية والتخلف.
هل هي بداية عهد جديد؟
لقد أصبح الجديد مرتقبا في غمرة التحديات التي تعرفها المؤسسات التعليمية بالجهة الشرقية كون الإختلالات التي اخترقت النظم التعليمية حيث لم يراع في ذلك المادة الخام التي تعنى بتربية النشء وتأهيلهم قبل الإهتمام بتكوينهم والجنوح إلى تدريس ملتزمات آفاقهم المهنية فهي نظم تفتقد لرؤية واضحة بخصوص الطرح التعليمي ببلادنا تظل في كيانها حلقة مفرغة لا تقوى على مواجهة الأزمات الكاسحة، وللأسف كم من المواثيق بقيت جاثمة في مكانها لم يكتب لها بعد الخروج من عنق الزجاجة للعمل سويا بجانب قطاع التعليم واستدراك بعض الهفوات على غرار وضع استراتيجيات جادة ومسؤولة تكون أكثر ملامسة لتطلعات الطلبة والتلاميذ بل المقامرة على رهانات تنطلق من برامج لا أساس لها في الواقع أو نحن في غنى عنها. ولعل ما يمكن إعتباره جديدا في هذا الأساس يكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ويصبح النهج التعليمي حاليا بمثابة حقيقة يكرس واقع الإقصاء. ويعمق الهوة بين إمكانية التحصيل في الأقسام ويبث اليأس في نفوس التلاميذ هذا فضلا على المناخ الذي يخلقه هذا النهج داخل الحصص بإشاعة العنف وعرقلة سير الدروس وكثرة الغياب والتطاول على المدرسين….
فنحن على موعد من إنطلاق الإمتحانات بأغلب المستويات وقبل ذلك تنطلق إستعدادات التلاميذ والطلبة لمراجعة الدروس وحفظ نصوص حجم برامجها ومضامينها أوسع بكثير من الحصص الزمنية المقررة خلال سنة دراسية بفصول المدارس ومدرجات الكليات فيلهث التلميذ فلا يدرك كظمآن يلاحق السراب قد يتخرجون وتلفظهم الجامعة إلى البطالة ومن لا زال في الأطوار التأهيلية فاليأس ينهش لحومهم الطرية من واقع يرونه أماهم يتجمد فيفقئ عيونهم على مرارة الأفق المظلم …
لا أقترح إلغاء المناهج التعليمية لكن لا أرى جدوى في نظامها الحالي غير تسليط سيف الخوف الفكري والنفسي على البراعم وإيقاع العنف على شباب عليهم أن يقبلوا على الإمتحانات والدراسة كما يقبلون على حياتهم العادية وأؤكد على تقييم تجارب سابقة على النظام الحالي بواقعية تربوية وبغيرة وطنية بأهداف استثمارية في هذا الرأسمال البشري كثروة حقيقية وبنظرة آفاقية تقدمية لخدمة التنمية السيسيو إقتصادية، وفي ظل متغيرات عهد جديد نحو جلب إستثمارات تحتاج إلى طاقات واعدة مؤمنة قوية وصادقة الطموحات منطلقة بحيوية الشباب وبتكوين مجد وتعليم نافع لبناء مغرب المستقبل، وأصرح ان الثقة في المستقبل كهدف وبرنامج وحدها القادرة على ربح رهان السياسة التعليمية المنشودة ببلادنا ودونها ستظل مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا تنتج اليأس رهينة الثنائية القديمة والشائعة في يوم الإمتحان يعز المرء أو يهان.
متاهات "من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه"
كثيرة هي التصورات التي تنعت نظامنا التعليمي بالفشل وذلك راجع إلى حالات الإخفاق التي تحدث في صفوف المتمدرسين وعدم تكيفهم بشكل أصيل مع جملة من الأنظمة البيداغوجية التي تحمل في طياتها بعض الصعوبات التي تؤرق التلميذ حيث يصبح النجاح صعبا نتيجة إضاعة الفرصة في سنوات سابقة ونوجه بالخصوص نظام مباريات نيل شهادة الباكالوريا، وهو ما يشكل عائقا تقنيا لصيقا بإحدى حلقات التربية والتعليم، فأمام هذه المعطيات بين هذا وذاك بات التلميذ يتخبط طيشا ممنهجا مع ضرورة التوفيق بين عدة سنوات دراسية من أجل ضمان نقطة النجاح لا غير، وهو ما جعل هذه النخبة الطلابية تكرس بدائل غير مشروعة كحلول مقترحة لتجاوز على الأقل معاناة الرسوب وما يتفرع عنها من مشاكل عويصة وعلى رأس هذه البدائل نجد الانخراط في دائرة الغش والانفراد ببعض الانشغالات التي لا تتطلب من التلميذ الوجدي اهتماما كبيرا أو أي تحصيل، فقط التمتع ببعض الحنكة في طريقة نسخ دروس مجموعة في أحزمة صغيرة من الأوراق يتم إعدادها بطريقة تثير الإستغراب، أو المقامرة على دروس يحتمل ورود أسئلة في محاورها…
فتلاميذ وجدة يعرفون جيدا كيف تتحول ساحات المؤسسات بعد انتهاء الإمتحانات بسبب تخلصهم من أوراقهم "المدمجة" التي انقضى استعمالها…
وفي هذه النقطة بالذات نقف عند بعض الارتسامات لدى أحد الأعوان بإحدى المؤسسات الثانوية حيث عبر لنا عن تذمره إثر هذه الظاهرة التي أصبحت تؤرقه في تكثيف جهوده باستمرار من أجل تنظيف فضاء المؤسسته…
هذا فضلا عن أساليب أخرى كاستعمال أشرطة بواسطة "والكمان" بعد تسجيل بعض الدروس في أجهزة …………………….. وغالبا ما تكون هذه الوسيلة ناجحة بنسبة 80 بالمائة بالنسبة للتلميذات أو الطالبات التي هزت الجامعة إثر اكتشاف أستاذ لإحدى الطالبات كانت تقوم بنفس العملية بقاعة الإختبارات وتمت إحالتها على المجلس التأديبي مباشرة…، ويذكر بعض الأساتذة أن هذه الطريقة في النقل تشكل عائقا على أن يمارس الأستاذ مسؤوليته بكل نزاهة حتى يصبح الأمر فيه نوع من المخاطرة وذلك خوفا من مواجهة تهمة التحرش أو إجبار طالبة على إزالة خمارها دون أي مبرر أما أن تضبط طالبا متلبسا بالغش أو بحوزته أوراق لا يسمح له الاحتفاظ بها داخل القاعة فهذا يعني أنك ستدخل معه في صراع عسير قد يصل حتى متابعات قضائية… كثيرة هي الأمثلة التي تصب في إطار الغش التعليمي لكن سنعرض لما هو أهم من خلال بعض الشهادات الحية تقربنا أكثر من واقع الطلبة والتلاميذ بأوساطهم التعليمية.
شهادات واقعية
(م.خ) أستاذ مدرس مادة اللغة العربية السنة الأولى باكولوريا أريد أولا أن أشير إلى أن التلميذ الذي نتحدث عنه اليوم ليس هو ذلك التلميذ كان يجد ويجتهد برغبة واهتمام كبيرين منذ 1980 أما عن قضية الغش في الإمتحانات هي قضية أعيشها باستمرار مع التلاميذ في مختلف المستويات بل أعتبرها عدوى أصابت حتى بعض الأطر كثيرا ما نصادفهم بقاعات الإختبارات المخصصة طبعا للمرشحين الأحرار (غير الرسميين) … والمعضلة قد نجد آباء يساعدون أبناءهم على تعاطي الظاهرة بكل برودة خاصة عندما أصبح الجميع يروم النجاح بأية وسيلة، وقد تسألني عن مكامن الخلل في هذا الأساس لكن قبل ذلك يجب أن نحمل الجميع مسؤولية هذا الإنتحار التعليمي البطيء. بدءا من أولياء التلاميذ وانتهاء عند من يحملون على عاتقهم مسؤولية التربية والتعليم.
– (ك.ع س) تلميذ السنة الثانية باكالوريا شعبة الآداب العصرية… لا أستطيع أن أصف لك الحالة النفسية عندما أكون بقاعة الإمتحان وأحاول إخراج بعض الأوراق من أجل الإستعانة بها خلسة في الإجابة على الأسئلة وشخصيا –أي تلميذ- أعتبر ذلك مخاطرة بمعنى الكلمة لأن أي خطأ قد تدفع عنه الثمن غاليا قد يصل حتى الحرمان أداء الإمتحان والنتيجة هي الصفر بلا منازع، لذلك حينها تجدني أتصب عرقا.
– (ب.إ) تلميذة أولى باك أصيل… نعم سبق لي أن خضت تجربة في الغش ونحن نطلق عليه إسم "التحراز" لكنني أقسم أنني لن أعاود الكرة بحكم ما تعرضت له من عنف بعد أن أكتشف أمري من طرف أستاذة الإجتماعيات التي أبت إلا أن تذيع الخبر أو ألفضيحة بين الأستاذة وأمام التلاميذ ثم استدعاء عائلتي…
– (ت.ق) تلميذ بقسم الثالثة إعدادي:
"في البداية كنت أعمد إلى تلخيص الدروس وأكتبها في أوراق صغيرة لا تتعدى 5 سنتيم مربع لكن دلني أحد زملائي في الحرفة على أحدى آلات النسخ "فوطوكوبي" وأصبحت أختزل دروسا عديدة في ظرف وجيز بواسطة التصغير الآلي إلى أقراص متواضعة جدا…
أنا أعرف أن هذا لا يخدم مصلحتي و لا يقبله القانون والأعراف لكن ما أعرفه جيدا هو أن نظام الإمتحانات لا يتمتع بكامل النزاهة والمصداقية، فلا نذهب بعيدا عن محيطنا، إذا أخذنا بعين الإعتبار دور الحراسة بقاعة الإمتحانات تجده يتراوح بين المد والجزر على تعداد الحجرات بالمؤسسة وهو الشيء الذي يحز في نفسي وألجأ إلى مثل هذه المراوغات لأحصل على المعدل بأي جهد ممكن وعلى العموم أفضل هذه المنهجية على أن أبقي رهين الكد والجد السنة كلها وأتفاجأ في الأخير بنتيجة الرسوب…!!
بطريقة أو بأخرى هي ظاهرة حقيقية موجودة يمكن إدراجها في إطار التحديات الجديدة التي تشهدها المؤسسات التعليمية بوجدة.
فالدولة تنفق أموالا على التعليم وتتوق إلى إشراك الإنسان المغربي في عجلة التنمية لنسف المتاعب التي نصادفها في عالم متغير وواقع يتطلب الكثير من أجل مصلحة الوطن…لا أعلم هل يتم ذلك دون أية استراتيجيات ناجعة تراعي خصوصيات الإنسان الذي نطمح في تكوينه أم لا؟

لكن الواقع الملموس هو أن مدارسنا تعيش سنواتها أولها تماطل وغياب ووسطها إباحيات وآخرها غش في الإمتحانات!!


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. mohamede slali
    24/06/2006 at 13:31

    monsieur, pour ce qui concerne les résultats de bac que pouvez nous dire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *