Home»Correspondants»نافذة على المدرسة الوطنية :المجموعة القصصية « الاستبداد الناعم » للقاص المغربي علي عبدوس مقاربة مستوياتية.

نافذة على المدرسة الوطنية :المجموعة القصصية « الاستبداد الناعم » للقاص المغربي علي عبدوس مقاربة مستوياتية.

0
Shares
PinterestGoogle+
 

**-المقاربة المستوياتية:

1-مستوى النص المفرد والمظاهر المفردة:

 تطرح مجموعة » الاستبداد الناعم » تيمة أساسية تشكل البنية الإطار للمنتج القصصي، وهي « المرأة وسط الطبيعة الداخلية »، الحافة بالوجد والإنسانيات ،أو » الطبيعة الخارجية » ،الغاصة برتوش الألوان والأشكال والأضواء والعتمات، المؤثثة لمساحات لوحة  الوجود و السحر وفراغات الجاذبية والإنئخاذ، وملحمة بتيمات تكميلية مؤطرة للصورة الكلية، وباصمة على كل جزء منها بأثر نظر، أو وقع سمع، أو همس تفكير،في إطار من الاحتفائية الفولكلورية بجمالية المكان ،والملحمية الغرائبية بانسيابيات الزمن، وتدفقاته على الشعور الجائع ،والإحساس الظمآن، والنزوع الشبق.

2-الدراسة الموضوعاتية:

أ- الاستبطان الذاتي:

تتناول مجموعة » الاستبداد الناعم » قضايا إنسانية تستبطن الشعور الذاتي للبطل، في علاقته مع أيقونة جسد  الأنثى ،من خلال حالات نفسية مختلفة، يحكمها الشعور بالحب، والعطف، والشفقة ،والألم ،والتلذذ… وكل حالة لها فرادتها في استكمال الصورة الكلية للمرأة المعشوقة ،في ثماني قصص على اثنتي عشرة قصة جديدة، تشتمل عليها الأضمومة. فقد تتعدد الأسماء: » أمينة » و « نجوى » و »سيدة الظلام  » و »عبير الرغبة  » و »زكية »و « أفروديت » والخنساء و « نص »و » بثينة « … وتختلف الأمكنة :أعالي الأطلس، والعاصمة ، الشرفة ،مدريد ،المقصورة ، الجسد، القرية، سجن ربيعي، الأرض ،البحر، جنة الأرض،  الخيمة …والأزمنة مثل : السحر، عيد الميلاد، رأس السنة ،الفجر، الفصول ،الغروب ،الظلام ،النهار، المساء ، الشتاء ،الصيف ،الغسق، الشفق ، الصبا … لكن المسمى يظل واحدا، والضالة المنشودة هي الوصل، واقتناص لحظات المتعة الجسدية والنفسية .وقد يتسبب البعد أو الحرمان من كل  أشكال القرب، المادي أو الروحي في قلق وجودي من المصير والمستقبل، أو التضايق من التسلط المادي والرمزي.   ليرتاد أماكن العزلة ،ويتجرع كأس مرارة الواقع، ويشتط بنظره البئيس في متاهات الحياة ،وظلام نفسه المحبطة ،أو السفر والضرب في مناكب الأرض، لا للكسب ولكن لامتصاص الغضب ، والشوق والبحث عن الخلاص.

ومن منظور سيميائي عند كريماص وفونتانيي في كتابهما المتحفي  » سيميائية الأهواء »فإن مركب الحب عند البطل في أقصوصة « الاستبداد الناعم  » الموجه نحو أمينة تحكمه ثلاث حالات :

1-حالة الفراق.

2-حالة الشوق.

3-حالة الوصال.

تعبر هذه الحالات عن نزوع البطل إلى التحرر من سيطرة العقل والوعي والمنطق، والتسليم بحقيقة العقل الباطن والأحلام وهي » وسائل لإشباع الدوافع المكبوتة « ص16 12* بل بها  » يتحرر الفكر من قيود الطبيعة الخارجية » ص8 13*، بحثا عن التوازن العاطفي ، أو التعويض النفسي كما يرى فرويد  ، إلى درجة يتحول فيها هوى الحب إلى سلطة، ترتهن لثنائية جذب الانفعال

بواسطة الهجر والفراق، ولقوة الاستهواء عن طريق الوصال والشعور بالرضى،حسب آن إينو في كتابها « السلطة بوصفها هوى « (3)،فتعمل سلطة الهوى على انبثات موضوع الحب في خطاب رحلة المغامرة العاطفية ،ليس في قصة الاستبداد الناعم، ولكن في معظم قصص المجموعة مثل :لطيفة ،بثينة ،سيدة الظلام… وذلك لتحري مبدأ » تخطيب الذاتية »، انطلاقا من مكون تجلي رغبة البطل وحاجته إلى الأخرى أي المرأة ، وتمظهراللاشعور ، المترسب في الأنا والهوعلى شكل  مطلب وسلوك للوصال والالتئام،في أفق « خلق مساحات جديدة تستوعب الأهواء من أسرارتخص الفعل والكينونة »14* مقدمة الكتاب ص41 بنكراد بحيث إن الإبدالات المعرفية تتعاطى مع الهوى بطريقة تفضي إلى الكشف عن مستغلقات القصة. يقول كريماص في هذا الصدد : » إن الواقعة الهووية في المقام الأول تبين تحليلات بعض الأهواء من ورق…ومفصلة الكون الهووي يحدد نسبيا الخصوصيات الثقافية ص63 سيمياءات الأهواء15*. إلى درجة ترتهن الذات بالفعل الانفعالي لحل الأزمة الهووية وتوجيه الاستقطاب الهووي نحو جذب الأنوثة وألق الجمال وبهاء  السحرلأن « الكثافة الهووية تدفع المسار السردي في اتجاه تطويق المعنى والارتقاء في مقامات قيمة القيمة « .ص 71 كريماص16*. وفي نهاية المطاف » تخطيب الذات لايصبح هوويا إلا بفضل تحسيس خاص  » كريماص ص64 17*، يتبدى على مستوى الوحدات المعجمية( اشتقت ملكتني الرغبة  …)ص3 18*  ، وعلى المستوى التركيبي من خلال توظيف الجملة الخبرية  الابتدائية والطلبية، البسيطة أو المركبة، الفعلية الماضية والدالة على الحاضر والمستقبل، خاصة لتأطير رحلة البحث زمانيا ومكانيا ، وتشغيل أدوات العطف مثل الواو وثم… لتجسيد تقاسم الحدث القصصي والاشتراك فيه بين الحبيب والمحبوب ،وتناميه وترتيب وقائعه وتراخيها إلى حين العثور على أمينة، وعلى مستوى التخطيب حيث تتحول ذات البطل إلى خطاب، يبث صورة إرادة الوجود بصورة سلطة الرغبة ،وفكرة كسر الطابوهات بصورة البناء الاستعاري والانزياحات اللغوية، كما يرى هرمان باريت في كتابه « الأهواء بحث حول تخطيب الذاتية »* 19، فيقود العامل الانفعالي حميا الفراق ووجد الشوق إلى الفاعل الاستهوائي الرغبة في الوصال والالتئام، ليفضيا إلى التقويم الأخلاقي المعبر عنه في بنية اللاشعور بالمحافظة على القيم وإرادة هدم جدار المنع.

ب-الغرائبية:

يقود هاجس الاقتصاص وأرق التسريد الراوي في قصة  » سم الخياط »  إلى استدراج الحدث الكلامي نحو التغريب والعجائبية للتسري عن النفس المتخنة بالجراح ،فيحمل الفقير المكتوي بنار الفجوة بين بيوت المستضعفين والبيوت الباذخة ،هما لامعقولا يتعارض مع انتظاراته، يبئره في  رهان كسيب ، لتحدي معرفة عدد حفر ملعب الكولف، في محاولة يائسة تتوسل مرام الاستعاضة عن النقص، بقص سريرالزمن البروكستي، كلما تطاولت قدماه، وتجاوزت عتبة سقف الانتظار. فيحاول عبثا إدخال جمل الحاجة في سم خياط التلبية والتحقق.

 

ج-التهجينات البنائية:

ينفتح السرد في المنتج القصصي على تهجينات في البناء السردي، بسبب الفيض العاطفي وتدفق السيولة الشعورية على آلية الوصف السردي، والانفتاح نحو قيم الرومانسية الإنسانية والجمالية ،والاستضمار المحايث من خلال دال التناص، وملحظ التضمين، أوالاستدخال الجلي انطلاقا من ملمح الاقتباس من القرآن الكريم،  والاستشهاد  بالشعر التراثي أوالحديث، أوعرض ومضات خاطفة بحسب سياقات الحكي من النظم الإنساني الخالد، في أفق تجسيد مبدأ التوازي بين سردية الحكاية وتعبيرية القصيدة، بشكل متناغم يحيل التسريد إلى لوحة تشكيلية، تروي الظلال، والوشاحات، والصدى، والحالات، والتحولات.

د-الانفتاح على المظاهر

يتمظهر الخطاب القصصي في أضمومة » الاستبداد الناعم » في تكسير خطية السرد، عبر اعتماد تقنية التداعي والارتداد إلى الوراء، المعين على تفجير بنية الزمن بالتزامن، وتعويم تعدد الشخصيات في وحدة الصوت، والسمة، والملمح ،من خلال المزج بين التغني بالجمال ،والشهادة على عنف المعيش اليومي، و الاحتجاج على زيغ المعاش العاطفي، والمراوحة بين  السرد القصصي، والسرد السيري الذاتي أوالغيري،  وبين القيم التعبيرية النثرية والصيغ الفنية الشعرية ،واللجوء إلى الاحتفاء بسيرة الشخصية على حساب سيرة الأزمنة والأمكنة، وتشكيل الرؤية السردية من خلال حوارالأنا مع الأخرى، عبر مرآة الذات في إطار من التناغم بين الجمل الموقعة، والدفق العاطفي ،والتطريز الصوري، داخل لعبة الحكي والوصف السردي ،والاستدراج الناعم للمتلقي إلى أثر البوح والاعترافات.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.