Home»Régional»وَمِنَ الشُّعَرَاءِ يَتْبَعُهُمُ العُشَّاقُ…

وَمِنَ الشُّعَرَاءِ يَتْبَعُهُمُ العُشَّاقُ…

0
Shares
PinterestGoogle+

وَمِنَ الشُّعَرَاءِ يَتْبَعُهُمُ العُشَّاقُ…

« إلى روح الشاعر المغربي محمد بنعمارة»

يا سيدي الكريم …

يا فقيدَ الحرْف والكَلِمِ … ويا فقيدَ الشّعراء والأدباء…

إن من تبعوا موكبك الجنائزي.. هم كل المحبين والعاشقين, الدين طاردوا آخر نفحة من حدائقك, قبل أن يغيبها الثرى …

إن من صَلُّوا وراء نعشك.. هم كل الساهرين و الذواقين, الذين كم سامروا ترنيماتَك وأشعارَك قبل إن تحجبها الستارة…

إن من رفعوا أكفهم بالدعاء لك.. هم كل الذين آمنوا برهافة الحس وشهامة الإنسان وشرف الكلمة وسحر العبارة…

إن من رشوا قبرَك بماء الزهر.. هم كل القراء والمستمعين النجباء, الذين نعوك بحزنهم وأهدوك آخر شتلة ريحان ربيتها في أحضانهم,وأسلموك لجيل الصديقين والشهداء…

إن من أبكيت أقلامهم وقلوبهم وعيونهم صدقا.. هم كل فرسان الوفاء:

صحافة وطلبة, مربيون ومدرسون, أدباء وشعراء, فقهاء وبسطاء… هم كل الذين رافقوك إلى مقام الرحمة والمغفرة ومرقد الصفاء والنقاء…

يا سيدي الكريم…

إن طلاب الأشعار بعدك يتامى…

وعشاق الأزهار بعدك بلا حاسة نظم…

وهواة الأقمار بعدك باتت لهم أبعد فأبعد…

والأطيار بعدك أضاعت أبجدية التحليق أسرع فأسرع…

والأصوات الشجية بعدك توقفت عن التدفق وخنقتها غرغرة النهاية …

والأنجم بعدك أعلنت الحداد في عيون الأطفال…

والأشجار العتيدة بعدك عششت في أغصانها لوعة الرحيل …

والثالوث الثالوث… … غار فيه نبع مُجيد…

ياسيدي الكريم…

ها أنت ترحل…

فمن بعدك يمسح ضباب البحر, ويسافر بنا إلى أحزانك لنأخذ حمام شعر دافئ..؟

ها أنت ترحل …

فمن بعدك يُشَرّع أجنحة القلب, لنفقه مشروعك الصوفي, وننزلق في أمواج عشقك الرباني..؟

ها أنت ترحل…

فمن بعدك يُبْرِقُ المساءات, ويوقد أصابعه العشر, ويقف إجلالا للقصيدة ويتلو علينا أناشيده ويتحفنا بعناقيده …

ها أنت ترحل…

فمن بعدك يدخلنا (زمن الطَّهْرِ والقداسة) (1)- مرة أخرى- وأنت فيه (كقطعة ضوء تمر محاطة بضوئها) (2) , وتنحت اللغة عتبة عتبة, لتُزخرفَ وصية كل من حفظها وعمل بها لن يضيع في دروب القصيد أبدا. تلك الوصية التي تقرن فيها ( الشاعرية بالمقروء التراثي والمثاقفة المستوحاة من الاطلاع على ما في يد الآخر من وثبات فنية..وتخييل..وتخليق فني..) (3). فشكرا لومضاتك التي أشْعَلْتَ بها رغبتَنا ,وأضأْتَ بها طريقنا نحو عمالقة الشعر, من المتنبي إلى رامبو إلى أبي العلاء إلى ت. س. إليوت إلى جوتي إلى غارسيا لوركا… لنستلهم الأبجدية الفنية والتأملية والجمالية منهم ومنك…

ها أنت ترحل…

فمن ذاك الجدير بأن يُوَقّعَ بمثل كلماتك أسفل "المشهد الشرقي"(4)…

ومن ذاك الذي يملك لمسة ذكائك وجرأة إمضائك, لينتصر للحق ويفضح الزيف… ينتصر للوجوه بوجوهها ويفضح الأقنعة بأقنعتها…

الكل يعترف جدا, بأن مثل هذه الكلمات, تأتي دوما بعد فوات الأوان…

والكاميرات لا تمسح الغشاوة عن عدساتها, إلا بعد فوات الأوان …

والأقلام لا تشحذ نفسها وترصع كلماتها, إلا بعد فوات الأوان…

والتكريمات لا تعلن عن الأسماء ومنجزاتها, إلا بعد فوات الأوان…

لهذا يا سيدي الكريم…

دع قلم هذا المدون البسيط يعتذر منك, ويقول لك بأن الأمل- في انبعاثك والانتصار على مرضك- الذي زرعه في نفسه أياما وأياما, هو الذي منعه أن يكتب شيئا من هذه الأشياء, وكان دائما يترقب عودتك.تماما كذلك العصفور الذي يُضْرِبُ عن الغناء ليوم أو يومين.. لشهر أو شهرين… ويفاجئنا في صباح يوم جميل وقد استرجع عافيته وحيويته, وعاد للشدو والغناء, لكن المؤلم هنا أن القدر خطف العصفور في عز الربيع, وفي فصل الحب والشدو والغناء. وكل ما اختزنه هذا القلم البسيط أصبح يلح عليه في تدوينه ولو للذكرى أو لشهادة حق, تضاف إلى ميزان أعمالك وحسناتك.. وسؤال آخر يفرض نفسه هو: ما كان بوسع هذه الكلمات أن تقدم أو تؤخر. ؟! لكن دعها تلوم أولئك الذين أخّروا ما كان بوسعهم أن يقدموا…

أولئك الذين عَبَرُوا نهر الشعر ويَبُسَتْ كلماتُهم, وتَخَشَّبَت أحاسيسهم و"تَفَرْمَطَتْ" ذاكرتهم "من فورمطاجformatage "…

أولئك الذين نزعوا عنهم أسمال العاصفة, واستأنسوا بذلة "السموكيينغ"…

أولئك الذين نسوا القصائد المتوحشة, وأصبحت عباراتهم قططا أليفة…

أولئك الذين مزّقوا دفاتر الشعر, وعوضوها بدفاتر الشيكات…

بكل وضوح أولئك الذين تَنَكَّرُوا لزمن النضال وأسماء المناضلين, وتركوك وحدك صامدا ضد السرطان وضد التيار.. ولم يكلفهم خاطرهم السؤال عنك ولو بالتلفون …

عانبت الألم ولم يعتبروا.. طرقت الأبواب ولم يلتفتوا..

فحسبك الله ونعم الوكيل يا سيدي الكريم.. ولعلها لعبة "الوجه والقناع"(5) مرة أخرى, سقط القناع عن الذين كانوا يجلدوننا مع كل بيان قصيدة , وهاهم يبيضوننا مع كل بلاغ كذبة…

وبأنفة وعنفوان أهل الشرق نكرر وللمرة الألف: حسبك وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنا لله وإنا إليه راجعون…

****************************

(1) (2) (3)بعض العبارات التي وردت في كلمة الدكتور محمد بنعمارة إلى التلاميذ الشعراء تحت عنوان "قداسة الشعر"

(4)"المشهد الشرقي"اسم الجريدة التي كان قد أسسها المرحوم محمد بنعمارة لكن لم يكتب لها الاستمرار بسبب مرضه .

(5)"الوجه والقناع"العبارة التي وظفها الشاعر في عموده" أنا الموقع أسفله" بجريدة المشهد الشرقي العدد 4.

/rachidkaddouri.maktoobblog.com/ »>

مع تحياتي ومحبتي

————

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. الفجيجي
    05/07/2007 at 10:25

    نازك الملائكة : مأساة الشاعر

    قد هبطنا في شاطئ الشعر والفنّ

    فــمـاذا فيه من الأفـــــــــــــراحِ؟

    هـــاهو الشــاعرُ الكئيبُ وحــيداُ

    تحت ســمع الآصــال والإصباح؟

    أبــداُ ســـاهـــمٌ يراقـــبُ أيــــــا

    مَ حيـــاةٍ لا تنقضـي بلـواهــــا

    لا يـرى الواهمون غيـر ضُحاها

    ويعـيشُ الفــنّانُ تحت دُجَـاهـــا

    يرقبُ الأشقياءَ في ظُلمة العيـ

    شِ ويبكي لهم بكــاءَ غبـينِ

    ويصوغُ الألــحانَ يرثي لبلـوا

    همْ ويبكي على الوجودِ الحزينِ

    طالما باتَ ساهدَ الطرفِ حيرا

    نَ يُسرُّ الظلامَ أحزانَ شـاعر

    لا يرى في الحياةِ إلا وجوداً

    ظـلّلتهُ يـدُ الشقاء العــاصر

    أبداً لا يَرىَ سوى مسرح المأ

    ساةِ بين الـدمــوع والتـنهيدِ

    وسـتاراً من الدُجَى يتجلّـَلى

    كـل يـومٍ عـن مــيِّتٍ وولـيدِ

    ليس يَلقَى الحياةَ إلا حزينَ الـ

    ـقلب حيرانَ في هموم الحياةِ

    كلما أنَّ بائسٌ ذرف الشـــا

    عرُ دمع الأسَى على المأساةِ

  2. شهرزاد
    06/07/2007 at 00:15

    في حلكة الليل العربي يغادرنا الشعراء القدوة تباعا وقد نسجت مظاهر التخلف والهوان كل أشكال ومفردات معجم السواد في حياتنا الفكرية التي تخلى فيها رواد الفكر عن مسؤوليتهم وساروا كالتجار يبحثون عن مكاسب هنا وهناك متجاهلين دورهم الحضاري ، فليثهم يدركون أن كل شيء فان وأنهم لن يتركوا خلفهم سوى الذكرى ، فأية ذكرى سيختارون : ذكرى الأعمى الذي لم يبصر هدفه أم ذكرى من علم الآخرين صيد السمك وشراء وردة وكتاب مع رغيف.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *