Home»Régional»وجـــدة : أطفال صغار يقضون العطلة في ممارسة أشغال لتغطية مصاريف قوت يوم أسرهم

وجـــدة : أطفال صغار يقضون العطلة في ممارسة أشغال لتغطية مصاريف قوت يوم أسرهم

0
Shares
PinterestGoogle+

كلما توقفت سيارة أو سيارات عند الضوء الأحمر بمختلف شوارع وجدة وطرقاتها ومفترقاتها يتسابقون كعدائين صغار، في ظرف 30 ثانية أو 20 ثانية أو أقل أو أكثر بقليل، حاملين علبا من المناديل أو معطر السيارات أو العلك أو الرايات الوطنية صغيرة الحجم أو أشياء يمكن تعليقها داخل السيارات…، يتسابقون ويسابقون الضوء الأحمر قبل اشتعال الضوء الأخضر، يراوغون السيارات والحافلات والدراجات النارية غير مبالين بالخطر للوصول إلى أصحاب السيارات… ، هدفهم الوحيد هو بيع ما يمكن بيعه للسائقين وربح درهم أو درهمين أو نصف الدرهم أو لا شيء، وبأي طريقة كانت، ودية أو استعطافية أو استجدائية، » ياك…ياك أعمي، غير اشري علي …ياك ياك أعمي غير بخمسة الدراهم، الله يرحم لك الوالدين، ياك ياك أعمي… »، ثم يعودون إلى الرصيف مهرولين سالمين غير غانمين بعد انطلاق السائقين متجاهلينهم غير مبالين …

أطفال ومنهم طفلات صبيان تتراوح أعمارهم ما بين العشر سنوات وأربعة عشر سنة يقضون النهار وجزءا من الليل تحت الحر وشمس الصيف الحارقة أو تحت المطر والبرد القاري فصل الشتاء في ممارسة هذا النوع من الأنشطة « التجارية » هي أقرب إلى الاستجداء والتسول لكسب بعض الدريهمات لمساعدة أسر غارقة في الفقر المدقع والعوز والحاجة، »ما عندانش أعَمِّي اللي يخدم علينا…باَّ مريض وأحنا 6 في الدار وكاريين غير عشة في الفيلاج…حنا مساكين… » يبوح يونس أحد الأطفال الصغار لا يجاوز عمره الأحد عشر ربيعا وهو يلوح بعلبة مناديل ورقية… »حتى أختي ربيعة راها تبيع كلينكس معايا وتبيع الريحة نتاع اللواطا ».

يونس وربيعة ويحيى ومحمد وراضية وعادل … وغيرهم من الأطفال الصغار بائعي المناديل عند مفترق الطرقات والأكياس البلاستيكية في الساحات والأسواق وحمَّالي سِلل المتبضعين وقُفَفهم، ودافعي العربات وجاريها، وبائعي السجائر بالتقسيط، وماسحي الأحذية، والمنقبين في قمامات الأزبال، وبائعي الماء…أطفال لا يعرفون للعطلة معنى، يتفحصون أقرانهم المتمددين على أرائك سيارات آبائهم وأمهاتهم بألبسة جميلة وأنيقة متذرعين لعبهم الالكترونية أو غير الالكترونية، يلتهمون ما لذ وطاب من فطع الحلوى والبيسكوي والمثلجات، داخل السيارات المكيفة والمتجهة إلى مراكز الاصطياف أو إلى مدينة من مدن التي حفظوا أسماءها في حصة من حصص مادة التاريخ أو الجغرافيا بالفصل…عطلة معناها بداية معركة مع قسوة الشارع ومناخه وأُناسه من جميع الأجناس البشرية التي تسكنه، عطلة معناها العمل الشاق المحفوف بجميع المخاطر ومكائد الآخرين لربح بعض المال وضمان قوت الأسرة أو على الأقل قسط منها والركون إلى زاوية الكوخ في انتظار غد مماثل أو أكثر قسوة.

أطفال صغار يستيقظون باكرا وينتشرون عبر شوارع المدينة وأزقتها قبل افتتاح الإدارات العمومية الرسمية وغير الرسمية لأبوابها ، يطوفون على المقاهي واحدا واحدا، بحثا عن مدخنين يشربون كؤوس شايهم أو يرشفون فناجين قهوتهم أو انتهوا من تناول فطورهم الصباحي قبل الالتحاق بأعمالهم ووظائفهم …أطفال ينتصبون عند مفترقات الطرقات بمدينة وجدة وشوارعها بهدف انتزاع دريهمات من سائقي السيارات الذين يقتنون ما يعرض عليهم شفقة أكثر منها حاجة…، أطفال يملؤون الأسواق والساحات يعرضون خدماتهم من حمل السلل والقفف وإيصالها إلى البيوت…، أطفال يغوصون في المزابل بحثا عن شيء يعاد بيعه…، أطفال ماسحو أحدية يطوفون بين الشوارع حاملين صناديق بحثا عن جالس إلى مقهى راغب في مسح حذائه…

أطفال تتراوح أعمارهم ،غالبا، ما بين 10 و14 سنة يقطعون مسافات طويلة ذهابا وإيابا أو يلفون في دورات مغلقة تحت الحر والقيظ تشوي أجسادهم الفتية الصغيرة والنحيلة شمس غشت الحارقة، يحملون « بضائع » و »سلعا » بسيطة ويعرضون خدماتهم ويعلنون عن وجودهم بالصياح والنداء والحديث المباشر مع من يهمهم الأمر من الزبائن المفترضين… أطفال صغار لفظ المجتمع أسرهم الفقيرة المعدمة، فلفظتهم هي بدورها إلى الشارع ليتدبروا أمرهم ، بل وأمر أسرهم كذلك…منهم من يضطر إلى ذلك تحت ضغط الأب أو الأم أو الاثنين معا لانعدام الشغل لدى المعيل أو لدى أحدهما أو ليُتْم أو لطلاق أو لتفكك الأسرة. » أنا نقرا في القسم الثالث وخاصني نجمع شيي نتاع لفلوس باش نشري الدفاتر والكتوب ونعاون الدار…باّ ميت وماَّ خدامة في واحد الدار…ساكنين مع الجيران في فيلاج كولوش… »، يصرح سعيد ذو التسعة ربيعا بائع سجائر رفقة أربعة من أقرانه و »زملائه » في المهنة.

أطفال صغار تم القفز على طفولتهم واغتيالها ودخلوا مرغمين سن الرشد والرجولة من « شارعه » الواسع أو « شوارعه » الواسعة وساحاتها ، يواجهون أهوالها وأخطارها المفاجئة، ويتلقون التهديدات ويصبرن على الاعتداءات الجسدية واللفظية وحتى الجنسية دون مقاومة إلا من سلاح البكاء والصراخ ويدخلون في بعض الأحيان في ملاسنات وصراعات وعراك فيما بينهم على سيجارة أو مكان البيع أو تسابق حتى قست قلوبهم واغتنى قاموسهم بمفردات تخدش الحياء وتمقتها التربية ولا يمكن تداولها حتى بين الكبار. يضطر هؤلاء الأطفال إلى التكيف والتأقلم مع عالم يفوق قدراتهم العقلية والبدنية لا قبل لهم به، عالم يلجونه مبكرا له نتائج سلبية على تنشئتهم الاجتماعية وسلوكاتهم وبناء شخصياتهم والتي تساهم كثيرا في جنوح أغلبهم… ومن المؤكد أن لا أحدا من هؤلاء الأطفال لو خُيِّرَ بين ممارسة عمل من هذا النوع أو لعب الكرة أو الركض أو الذهاب إلى مسبح مع أقرانه خلال عطلة جاءت بعد فترة أو سنة دراسية إن كان له حظ فيها لكان له الخيار الطبيعي المعروف ولكن…

لا بد من التذكير أن تشغيل الأطفال يعد خرقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وضدا على حقوق الطفل الذي وقعت عليها بلدان العالم من ضمنها المغرب، من حماية لكرامة الطفل إلى واجب تربيته وتعليمه إلى تحريم تشغيله وتجريم مشغليه. لم يستطع المغرب القضاء على أشكال تشغيل الأطفال لأن له أسباب متجذرة في واقع الأسر الفقيرة المحرومة ووضعيتهم المزرية المنخورة بالبطالة والمرض وانسداد آفاق مستقبل أبنائهم.سيبقى تشغيل هؤلاء الأطفال واقعا مُرًّا ما دامت وضعية أسرهم غارقة في الفقر لانعدام فرص الشغل لأولياء أمرهم وضمان حقوقهم وكرامتهم. سيبقى هؤلاء الأطفال رهينة « الشارع » ما دامت أسرهم رهائن الحرمان والفاقة والجهل والتهميش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. حميد شفيق
    28/08/2008 at 12:55

    إن مشهد تواجد الأطفال في الشوارع للأمر محزن خاصة عندما نرى أطقالا لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات لكن من المسوؤل عن هذا السلوك ? أظن أن للأباء النصيب الأكبر في ذلك و خاصة الأمهات اللوالتي يطلبن من أبنائهم القيام بهذا العمل حيث العديد منهن يرغمن فلذات أكبادهن على ضرورة جمع المال و بأية طريقة فالرجوع إلى المنزل بدون مال يِؤدي إلى العقاب .
    لكن علينا جميعا أن نحارب هذه الظاهرة الغريبة على مدينتنا و على الجمعيات المدنية الغير حكومية القيام بأيام تحسيسية لمنع هذه التصرفات الغير حضرية كما يجب إحترام الطفل و إعطائه الحرية في التعبير الجسدي و اللعب و على الأباء أن يلتزموا بمسؤولياتهم أمام الله إزاء أطفالهم و عدم إستغلالهم و حرمان طفولتهمة كما يجب على دوريات الأمن التذخل حتى لا تتفشى هذه الظاهرة.

  2. يحي
    28/08/2008 at 12:55

    أين هي التنمية البشرية التي أصبحت لازمة في أفواه كل من أعطي له ميكروفون الاولى أو دوزيم ؟ أم أن هؤلاء الاطفال وآباءهم لا يعتبرون من البشر؟
    من العار أن تبقى هكدا مظاهر رغم استقلال البلاد مند أكثر من نصف قرن.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *