Home»Régional»الهوامش الجنوبية لجبال بني يزناسن: شيخوخة حتمية أم ضعف تشبيب؟

الهوامش الجنوبية لجبال بني يزناسن: شيخوخة حتمية أم ضعف تشبيب؟

0
Shares
PinterestGoogle+

الموساوي احميدة

كانت الهوامش الجنوبية لجبال بني يزناسن في فترة من الزمن محور التنمية الاقتصادية وقطب الرحى الذي يعول عليه في قيادة المجال الأوسع أو بالأحرى يمكن القول بأنه كان بمثابة الطائر القائد الذي يتزعم سرب الحمام ويوجهه الى الوجهة التي يريد، لكن حاليا لم يعد من هذه الريادة سوى الشيء القليل ان لم نقل أن الدير الجنوبي لبني يزناسن قد شاخ ولم يعد قادرا على المساهمة في الإنتاج وافادة السكان مما اضطرهم الى المغادرة أسرابا اسرابا نحو المجالات الشابة والفتية مثل وجدة وبركان، ولكن هل هاتين المدينتين حديثتي الولادة؟ على العكس من ذلك فمدينة وجدة لها نصيبها في جذور التاريخ ولعبت أدوارها منذ القديم ومازالت تلعبها لحد الان نظرا للتدخلات الاستراتيجية الوطنية وكذا تحول مركز الثقل الاقتصادي من البادية نحو المدينة وتغير طبيعة الأنشطة القيادية. إذن فكيف شاخ دير بني يزناسن وظل فتيا غيره من المجالات المجاورة. ان الجواب عن هذا السؤال يقودنا إلى محاولة الغوص في مسببات القيادة القديمة.
لقد شكلت بني يزناسن على مر عصور غابرة مهد الحضارة فالتاريخ يشهد على قدم استقرار الانسان في مغارة الحمام ومغارة الجمل إذ ابانت حفريات العلماء التي بدأت منذ 1951 أهمية الموقع من حيث استقطابه للإنسان القديم مما يدل على مركزية الكتلة اليزناسنية وقيادتها وتنظيمها للمجالات المحيطة وما فتئت هذه المركزية تتهاوى تدريجيا حتى انهارت بعد دخول الاستعمار.
ان المجال كان يتمتع بسلطة قوية ومركزية مهمة تتجسد في كونه ممونا للمجالات المحيطة بالحبوب والماشية والألبان ومعتمدا في هذه الخيرات على فرشات باطنية كان يعتقد أنها لا تنضب وعلى قوة عمالية محلية يقال عنها أنها كنوز بشرية وعلى نمط اجتماعي ينظر اليه نظرة السكون والثبات لا الحركة والتطور. بعد عقود ان لم نقل قرون من العطاء والريادة في شمال شرق المغرب ها هي سفوح بني يزناسن الجنوبية تشيخ وتتعب شيئا فشيئا دونما التفاتة ولا عناية من قريب او بعيد لرد الاعتبار وإنصاف المجال ووقف موته ولما لا إعادة إحيائه من جديد وجعله يتبوأ مكانته التي يستحقها ويصبح رائدا فيما يشكل أصالته وهويته.
ان مداخل تنمية الهوامش الجنوبية لجبال بني يزناسن عديدة ومتعددة على غرار وصفات محاربة الشيخوخة في القرن الواحد والعشرين. وحتى نحافظ على هوية المجال ووظيفته التي ظل يظطلع بها في سنوات السلطة وفي نفس الوقت نجعل منه مجالا مسايرا التحولات الحديثة لا بد أولا من البحث عن مصادر جديدة للمياه عبر إنشاء سدود تلية متفرقة في قدم السلسلة اليزناسنية وكذا محاولة تخفيف العبء على الفرشات المائية في باطن الأرض من خلال تزويد الفلاحين بنظام ري فعال مقتصد ومستديم، فالماء اصل الوجود ولا تستقيم الحياة بدونه ومن غير المنطق ان نترك المجال بمكوناته في حالة عطش وننتظر استيقاظه ومساهمته في بناء النسيج العام الذي تفترشه منطقة شمال شرق المغرب. ان وفرة الماء ستعيد خاصة الموجه لغرض السقي الفلاحي ستعيد المجال الى السكة التي كان يسير فيها شامخا لا شيخا وتجعله يظطلع بوظيفة غذائية لا غنى عنها للمراكز الحضرية القريبة. ثانيا، ان السفوح الجنوبية لجبال بني يزناسن هو مجال بيني اي خاضع لتأثير قطبين كبيرين، مدينة بركان في الشمال ومدينة وجدة في الجنوب تظل فرص البروز ضعيفة خاصة في ميدان الاستقطاب وتوزيع الثروة والخدمات وقيادة العلاقات و فرض الذات والاستقلالية، وبهذا يشكل منطقة نفوذ المدينتين المذكورتين وحقل تجاذب بينهما مما يجعل دير بني يزناسن في وضعية اتكالية على الاقطاب، ان الهروب من وضعية الهامش تقتضي خلق المركز او النواة التي تجمع شتات الدواوير المتناثرة في قدم الجبل وهذا لن يتأتى إلا بترقية المدينتين الصغيرين، بني درار في الشرق والنعيمة في الغرب. فهاتين المدينتين اللتان تعانيان من شيخوخة مبكرة رغم حداثة نشأتها لا تظطلعان بدورهما في قيادة المجالات القروية المحيطة نظرا لضعف إمكانياتهما وغياب التدخل لترقية التجهيزات والخدمات بهما.
ان المجال ليس مثل الانسان يولد وينمو ثم يشيخ فيموت لغير رجعة، فالمجال موجود وينمو وان شاخ لا يموت فهو يظل معطاء اذا احترمت شروط الاستدامة، فجبال بني يزناسن لم تشخ بعد الى حد العجز والوهن بل ما زالت قادرة على الإنتاج ومواكبة التحولات الحالية ويمكن أن تتعافى وتعود الى حالتها الطبيعية خاصة إذا تم توفير عصب الحياة «مياه السقي» وكذا تجهيز المدن الصغيرة بالخدمات الضرورية التي تغني الساكنة عن التراقص اليومي او النزوح الجحفلي نحو المدن الكبرى. ليس هذا فحسب، بل إن محاربة شيخوخة المجال وإعادة تشبيبه تقتضي ترقية وعي الساكنة اليزناسنية وحملها على الإبداع والابتكار في ميدان التضامن والتعاون وخلق جسور تؤدي إلى التنمية الترابية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *