Home»Correspondants»فسحة في أغاني الحب و الغرام

فسحة في أغاني الحب و الغرام

0
Shares
PinterestGoogle+

لا احد بإمكانه أن يتنكر أن ما تذيعه القنوات الفضائية المتخصصة في الأغاني العربية المصورة،يكون موضوعها الوحيد هو الحب الذي له علاقة بالجسد (مغنية  حتى لا نظلمها و نقول مطربة ،تتغنى بحب الرجل الذي يخدعها و تلقاه في حضن امرأة أخرى(هذا مشهد يتكرر في جل الأغاني من هذا النوع و كان كل الرجال مخادعون)،أو تغازل رجلا جميلا و وسيما تشترك معه في عناق…و أشياء أخرى .و مغنون ليس لهم من مواضيع الغناء إلا التغني بجمال المرأة الجسدي و الحسي،و يكون ذلك في حفل جماعي راقص،واستعراض  بشكل فاضح للإيحاءات الجنسية التي تبلغ في حرارتها درجة 180.و كأن كل العقول المفكرة في نظم القصائد قد قيدت ،و حبست نفسها في موضوع واحد لا غيره و هو الجمال الجسدي المثير…وهي نظرة منحطة وتافهة و ساذجة في نظرة الرجل للمرأة أنها جسد و ليس كائنا إنسانيا له عواطف و مواقف و آمال و طموحات….

المغني العربي يريد إن يرسل رسالة إلى المشاهد العربي من بني جنسه انه الوحيد الذي يملك جرعات مضاعفة من الفحولة حتى لا نخلطها بالرجولة.الفحولة التي يظهرها المغني (الوقح) انه الرجل الوحيد في العالم الذي يجعل ما كان حميميا ، يصبح معلنا مكشوفا للناظرين، و قابلا للبيع و الشراء.و يتحول التغني بالحب إلى تجارة تعرض فيها الأعضاء البشرية على المستهلكين من المتفرجين. فتكون بضاعة رائجة (أغنية ناجحة) أو بضاعة كاسدة (أغنية فاشلة).

المغني العربي لا يكترث- بحكم جهله و ثقافته المحدودة التي لا تتعدى قراءة نص غنائي من أربعة اسطر يؤديه في دقيقتين-أن العالم العربي و المجتمع العربي، بناؤه الاجتماعي من الأسر المحافظة و المتدينة،و الأسر التقليدية  التي ترى في الحشمة و الوقار و الحياء عملتها الوحيدة في التعامل الخارجي.

المغني العربي لا يستحي – مع بعض الاستثناءات التي تعد على رؤوس أصابع اليدين من الرجال و النساء العظيمين و العظيمات الملتزمين و الملتزمات بقضايا إنسانية أو اجتماعية أو قومية أو دينية أو وطنية ،وفي كل أغانيهم بدون استثناء، لان هذا يعتبر عندهم التزاما تعاقديا بين الفنان وجمهوره وفنه- أن يكون الحب الجنسي أو ما له علاقة بالجنس هو العملة الوحيدة التي يتقن الترويج لها و الترويح عن نفسه بها، مع ما يحمله هذا النوع من الحب من لوعات الفراق و البكاء و السهر و الآهات والأحزان في الليالي و العيون(يا ليل يا عين). فكل الأغاني التي تروج لها هذه القنوات لها نكهة حب جنسي،مع ما تتضمنه من مشاهد وإيحاءات مكشوفة تخدش الحياء و القيم و الأخلاق.

لقد جعل الفلاسفة موضوع الحب قضية من قضايا التفكير و التأمل.وصعدوا بالحب من العالم الأرضي الحسي إلى العالم الروحي الصافي، و إلى مراتب الكمال و الجمال و السعادة و الخير الأسمى( الله محبة).

انه حب يقترب من الفلسفة الصوفية القائمة على الحب في معانيه الروحية عندما يتحول إلى رحمة و نكران ذات و تضحيات في سبيل الآخر.انه حب في قصائد، يتغنى فيها، بجمال الخلق من الطيور و الأزهار و الأنهار و الوديان و البحار   و الحيوان الأشجار  في الفصول المختلفة، و الأصدقاء و الأبوة و الأمومة الخ .أغاني يكون موضوعها كذلك، البرق و السحاب و الجبال ونزول المطر و الحصاد و السفر و السيارات و القطارات و الطائرة  …

إنها مواضيع يتغنى بها المطرب الغربي و التي تعكس حياته و زمنه الحضاري  و أسلوب تفكيره و تعامله، في المواضيع كلها التي تشغل باله أو بال مجتمعه.أو تعكس انشغاله بمواضيع لها نكهة إنسانية..كالصداقة و العدل و الإخاء و المساواة و التعاون و التضحية من اجل الآخرين و المعاناة مع الحروب و الكوارث الطبيعية  و الفقر و المجاعة و الأمية و الأمراض و الأوبئة و المخدرات و الاتجار بالبشر و استغلال الإنسان(أطفال و نساء) و العبودية  و العنصرية  و التلوث البيئي و الإرهاب الفكري و الظلم الاجتماعي و الإبادة الجماعية للعنصر البشري و المذابح بالسلاح الأبيض  …

فعلا إنها الأغنية التي يتغنى بها الإنسان الغربي و التي تعكس ثراء في التفكير و سعة في الأفق و تنوعا في المواضيع و تحضرا في التعامل.كما تعكس الأغنية/القصيدة، تطور غريزة الحياة من عاطفة الحب موضوعها الجسد و التكاثر، إلى عاطفة إنسانية سامية تشمل الإنسان و الكون الحياة تلامس قيم الخير و العدل و الجمال. و بذلك يختلف المغني العربي الذي يعبر عن نظرة متخلفة للوجود الإنساني و الذي محوره جسد المرأة فقط… على الأقل هذا ما تحاول القنوات الفضائية المختصة بالأغاني المصورة(كليب) أن  تروج له للمتلقي العربي.وهي تبين أن تفكير الإنسان العربي المستثمر في هذا النوع من المشاريع متخلف و « دنجواني » و نسوا نجي، بطولاته في غرامياته. ولا يتعدى تفكيره غرائزه الحيوانية…

انجاز :صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *